في ظلّ المخاوف.. هل يُمكن لبايدن أن يتراجع عن قرار ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء؟
اسرار بريس= متابعة عبدالله المكي السباعي
استقبل مجموعة من المراقبين، قرار الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، الاعتراف بمغربية الصحراء، وفتح قنصلية لواشنطن بمدينة الداخلة، لتشجيع الاستثمارات بالأقاليم الجنوبية للمملكة، بنوعٍ من الحذر، لاسيما وأن الزعيم الجمهوري، يقضي آخر أيامه في البيت الأبيض، بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ضد منافسه الديمقراطي جو بايدن.
ولم يُخف العديد من المغاربة، تخوفهم من الموضوع، خصوصاً بعد تعالي بعض الأصوات في الولايات المتحدة الأمركية، التي اعتبرت قرار ترامب، تخلّ عن مبادئ السياسة الخارجية لواشنطن، من بينهم جون بولتون، الذي قال إن ما قام به دونالد، خطوة خاطئة، ومحاولةٌ منه لتحقيق نصر سياسي سريع، مطالبين (المتخوفون)، بإرجاء الفرح لغاية اتضاح موقف بايدن.
قرارا دولة لا قرار شخص..
وفي هذا السياق، قال رضا الفلاح، أستاذ القانون الدولي بجامعة ابن زهر بأكادير، في تصريحٍ لجريدة “بناصا”، إنه لابد من الاتفاق على مسألة مهمة في الحديث عن هذا الموضوع، وهو أننا أمام “قرار دولة، وليس قرار ترامب فقط، وقد اتخذ بناء على الصلاحيات الدستورية التي يتمتع بها الرئيس الأمريكي بمقتضى الفصل الثاني من الدستور، والكونغريس يعترف بهذا الأمر”.
وأضاف الفلاح بأن “القرار هو مرسوم رئاسي، جاء على صيغة إعلان، ولا اختلاف بينهما سوى من حيث الشكل، أما من الناحية القانونية، فهما متساويان، كلاهما يحوز على القوة القانونية، وكلاهما ينشئ قانوناً فدرالياً”، متابعاً: “إذا، هذا المرسوم الرئاسي، هو بمثابة قانون فدرالي، جاء على صيغة إعلان رئاسي”.
قيمة القرار القانونية مؤكدة وراسخة..
وأردف الخبير الدولي بأن “هناك اختلافاً أيضا، حسب موضوع القرار، فحين يكون الموضوع متعلقاً بالاعتراف بأوضاع قانونية أو اقتصادية أو مسائل متعلقة بالتجارة الدولية أو أشياء من هذا القبيل، فالمرسوم الرئاسي يأخذ صيغة الإعلان الرئاسي”، مسترسلاً: “إن نظرنا إلى نص الإعلان الرئاسي، نجد عبارة أن الرئيس الأمريكي يقول، إنه: بمقتضى الصلاحيالت الدستورية المخول لي كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، فهو ينطلق من الصلاحيات الدستورية المخول له”.
وأبرز أستاذ القانون الدولي، بأن القيمة القانونية للقرار الأمريكي، مؤكدة وراسخة، منبهاً إلى أن القرار، يتضمن إنشاء قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة، أي أنه سيترتب عنه آثار قانونية، وترتيبان من أجل تفعيل الآثار القانونية، لأن إقامة قنصلية يحمل ترتيبات تنفيذية، قانونية”.
لا فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين..
وبخصوص إمكانية، إلغاء القرار من قبل الرئيس المقبل، يشدّد الخبير الدولي، على أن “هذا أمرٌ غير وارد، ومستبعد جداً، لعدة اعتبارات، من بينها اثنين رئيسيين، الأول، يتعلق بمسألة أنه لا يوجد فرق بين الجمهوريين أو الديمقراطيين، في موقفهما من مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب لإنهاء ملف النزاع المفتعل، وكلاهما يعترفان بالصداقة القديمة جدا بين المغرب وأمريكا”.
وأشار الفلاح إلى أن الجمهوريين والديمقراطيين، كلاهما، يؤكدان، في كلّ مرة، “مصداقية وجدية والطبيعة البناءة للمقترح المغربي للحكم الذاتي”، مذكّراً بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي “الماسكة بقلم مسودة القرارات المتعلقة بالنزاع المفتعل في الصحراء المغربية، وإن عدنا للقرارات، فإننا نجد تأكيداً متكرراً خاصة في السنوات الـ4 الأخيرة، على ضرورة التوصل لحل واقعي”.
وأوضح المتحدث نفسه، بأن القرارات المتخذة من أمريكا، تؤكد دائماً على أن مبادرة الحكم الذاتي، هي الإطار الأنسب والأكثر مصداقية للتوصل لحلّ سياسي، ولا فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين في هذا الشقّ”، مشدداً في ختامِ تصريحه، على أنه “من شبه المستحيل أن يقوم الرئيس المقبل، سواء كان جمهورياً أو ديمقراطياً، بإلغاء القرار، خاصة أنه مطابق للقانون الفدرالي، ويحمل قوته”.
إمكانية الإلغاء واردة.. ولكن..
من جانبه، قال خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، في تصريح لجريدة “بناصا”، إن إمكانية إلغاء المرسوم الرئاسي، واردٌ من الناحية القانونية، سواء من قبل الرئيس المقبل، أو الكونغريس، وهذا أمر طبيعي، لا يمكن لأي قرار أن يكون غير قابل للطعن، غير أن هناك معطيات أخرى، تتدخل في مثل هذه المراسيم، وتعتمد على الجانب الواقعي.
وواصل الشيات، بأن “هذا المرسوم، أولاً من حيث المضمون، هو يتضمن جانب مرتبط باتفاق مع المغرب، يتعلق بالصحراء، والشق الثاني، مرتبط بقضية العلاقات مع إسرائيل، ونحن نعرف أن اللوبي المتحكم في دواليب السياسة الأمريكية هو الأيباك”، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن هذه المسألة، و”بالنظر لأهمية المرسوم، بالنسبة للعلاقات مع إسرائيل، أن يقوم أي رئيس أمريكي بإلغائه، لأن الموضوع ليس مزاجياً ولا يدخل في رغبة الرئيس الشخصية”.
الولايات المتحدة الأمريكية ليست من جمهوريات الموز..
ونبه الشيات إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية “ليست جمهورية من جمهوريات الموز، وأمريكا لديها قرارات منضبطة لجوانب إستراتيجية، وهذا الأمر ليس رغبة داخلية لترامب، رغم أنه قد يكون الأكثر تحمساً، مذكّراً بأ، حملة بايدن الانتخابية، كان أكثر “تحمساً لخدمة إسرائيل من ترامب”.
واستطرد خبير العلاقات الدولية، بأن “بايدن هو من رفض بيع المقاتلات إف 35، للإمارات، بسبب ضمان قوة وهيمنة إسرائيل في المنطقة، في حين أن ترامب هو من كان يرغب في ذلك”، مختتماً أنه، وبالرغم من “إمكانية تغيير القانون أو تعديله، لكن من الناحية السياسية والواقعية والإستراتيجية، الأمر يبدو شبه مستحيل، على الأقل في القريب العاجل”.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي ترامب، كان قد أعلن، قبل يومين، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بأنه، أصدر مرسوماً يقضي بالاعتراف بمغربية الصحراء، وافتتاح قنصلية بمدينة الداخلة، قائلاً: إن المملكة كانت أول من اعتراف باستقلال الولايات المتحدة سنة 1777، وبات من المناسب الآن الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه. بناصا