اخبار عالمية

حق الإطلاع الضريبي وتبادل المعلومات..قراءة في مقتضيات المادة 214 من المدونة العامة للضرائب

بقلم : المختارالسريدي
إطار ضريبي

***
لم يرد بالمدونة العامة للضرائب أي تعريف لحق الإطلاع الضريبي لأن
التعريفات ليست في الأصل من اختصاص المشرع وإنما هي شأن يخص الفقه والقضاء ،
كما أن أغلب التشريعات تتحاشى التعريفات لما قد تثيره من إشكالات ، ومع
ذلك يبقى حق الإطلاع والحصول على المعلومة سلطة من السلط التي منحها المشرع
للإدارة الضريبية ونص على إجراءتها وكيفياتها والموظفين المؤهلين للقيام
بها والجهات التي يمكن أن توجه إليها الطلبات والآجال القانونية المحددة
لذلك، بغية التحقق والإطلاع على الوثائق والأوراق والمستنذات والدفاتر
والسجلات التي تمكنها أو تساعدها أو تفيدها في تحديد أسس الضريبة ، سواء
كانت في حوزة الخاضعين للضريبة أنفسهم أو في حوزة أشخاص القانون العام أو
الخاص.

وقد تم التنصيص على حق الإطلاع وتبادل المعلومات في المادة 214 من
المدونة العامة للضرائب ، وذلك حتى يتمكن مفتش الضرائب من الحصول على جميع
المعلومات التي من شأنها أن تفيده في ربط وتأسيس ومراقبة مختلف الضرائب
impots والواجبات droits والمساهمات contributions والرسوم taxes المستحقة
على الخاضعين لها ، بحيث يجوز له أن يطلب وحسب كيفيات التبليغ المنصوص
عليها في المادة 219 من نفس المدونة الإطلاع على أصول أو نسخ سواء كانت
ورقية أوعلى حامل مغناطسيسي أو حامل معلوماتي الوثائق والسجلات الآتية :

 وثائق المصلحة أو الوثائق المحاسبية الموجودة في حوزة الإدارات
العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية وكل هيئة
خاضعة لمراقبة الدولة ، دون إمكانية الإعتراض على ذلك بحجة كتمان السر
المهني .

 الوثائق والسجلات التي تفرض مسكها القوانين والأنظمة الجاري بها
العمل ، وكذا جميع العقود والمحررات والسجلات والملفات الموجودة في حوزة
الأشخاص الذاتيين والمعنويين الذين يزاولون نشاطا خاضعا للضرائب والواجبات
والرسوم .

 سجلات التضمين التي يمسكها القضاة المكلفون بالتوثيق (1).
ويمارس حق الإطلاع هذا من طرف مفتش الضرائب المختص سواء بأماكن المقرات
الإجتماعية للأشخاص الطبيعيين والمعنويين المعنيين أو مؤسستهم الرئيسية ،
ما عدا إذا قدم هؤلاء الأشخاص المعلومات أو الوثائق أوالسجلات المطلوبة
كتابة أو مقابل وصل إلى مفتش الضرائب مباشرة.

ويجب أن تقدم هذه المعلومات والوثائق إلى مأموري الإدارة الضريبية الذين لهم على الأقل رتبة مفتش مساعد (2) .

أما عن طلبات الإطلاع الصادرة عن الإدارة الضريبية فيجب أن تقدم
كتابة ، وتحدد فيها طبيعة ونوعية المعلومات والوثائق والسجلات المطلوبة
والسنوات المحاسبية أو الفترات المعنية وشكل ونوع وحامل هذه المعلومات
والوثائق ، ويقدمها المطلوبة إليهم خلال أجل الثلاتين (30) يوما الموالية
لتاريخ تسلم الطلبات على أن تكون كاملة وتامة وذات قوة ثبوتية (3) .

والملاحظ أن طلبات الإطلاع و الحصول على المعلومات التي توجهها
الإدارة الضريبية المغربية لا تقتصر فقط على الإدارات والمؤسسات والأشخاص
السالف ذكرهم ، بل قد تمتد حتى إلى إدارات الضرائب التابعة للدول والحكومات
الشقيقة والصديقة التي أبرمت مع المغرب اتفاقات ثنائية لتفادي الإزدواج
الضريبي فيما يخص الضريبة على الدخل .

ويجب على المنشآت التي لها علاقة تبعية مباشرة أو غير مباشرة مع
منشآت توجد بالخارج المشار إليها بالفقرة الخامسة من المادة 210 من المدونة
العامة للضرائب (4) ، ووفق الكيفيات المنصوص عليها بنص تنظيمي ، الإدلاء
للإدارة وبطريقة إلكترونية بالوثائق التي تمكن من تبرير سياسة أثمان
التحويل التي تعتمدها والمتضمنة للمعلومات المتعلقة بجميع أنشطة المنشآت
التي بينها علاقة تبعية والسياسة العامة لأثمان التحويل الممارسة وتوزيع
الأرباح والأنشطة على الصعيد العالمي ، وكذا المعلومات الخاصة بالمعاملات
التي تنجزها المنشأة الخاضعة لفحص المحاسبة مع المنشآت سالفة الذكر التي
لها علاقة تبعية معها (5).

و يمكن لإدارة الضرائب المغربية أثناء تحقيق عمليات مع منشآت في
الخارج ، أن تطلب من كل منشأة خاضعة للضريبة بالمغرب مدها بالمعلومات
والوثائق المتعلقة بطبيعة العلاقات التي تربطها بالمنشآت المتواجدة بالخارج
والخدمات المقدمة أو المنتجات التي تم تسويقها وطريقة تحديد أثمنة
العمليات المحققة وأنظمة وأسعار فرض الضريبة على المنشآت الموجودة بالخارج ،
ويتم طلب هذه المعلومات وتتم الإجابة عليها بنفس الطريقة وداخل نفس الآجال
المشار إليها أعلاه ، وفي حالة عدم الجواب أو عدم الإدلاء بالمطلوب تعتبر
علاقة التبعية مابين المنشآت المذكورة قائمة.

وكيفما كانت الإدارات والمؤسسات والأشخاص الموجهة إليهم طلبات
المعلومات سواء داخل التراب الوطني أو خارجه وبغض النظر عن جميع الأحكام
المخالفة ، فإنه يمكن للمديرية العامة للضرائب بصفتها وصية على القطاع
الضريبي أن تستعمل المعطيات المحصل عليها بجميع الوسائل والطرق والكيفيات ،
بغرض القيام بمهامها في مجال وعاء ومراقبة وتحصيل ومنازعة مختلف الضرائب
والرسوم والواجبات والمساهمات التي يعهد إليها بالإشراف عليها.

لكن رغم ذلك فإنه يتعين على مؤسسات الإئتمان والهيئات المعتبرة في
حكمها ومقاولات التأمين وإعادة التأمين وجميع المؤسسات المالية الأخرى
الإدلاء لإدارة الضرائب ، وفق الكيفيات المحددة بنص تنظيمي ، بجميع
المعلومات اللازمة والضرورية لتطبيق الإتفاقات التي أبرمها المغرب والتي
تمكن من تبادل المعلومات بشكل آلي لأغراض جبائية بحثة.

وتتمثل هذه المعلومات في دخول رؤوس الأموال المنقولة وأرصدة
الحسابات المفتوحة لدى الهيئات المذكورة وقيمة إعادة شراء الأذون وعقود
الرسملة والتوظيفات من نفس الطبيعة للأشخاص الذاتيين والمعنويين المعنيين
وأي معلومات تتعلق بأي دخل آخر طبقا للإتفاقيات المذكورة.

و يجب على مؤسسات الإئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها ومقاولات
التأمين وإعادة التأمين وجميع المؤسسات المالية الأخرى سالفة الذكر ، اتخاد
جميع الإجراءات اللازمة قصد التعرف على هوية الأشخاص المعنيين والمعلومات
المتعلقة بحساباتهم وبالتدفقات المالية الخاصة بهم.

ويمكن للإدارة الضريبية المغربية عند حصولها على المعلومات لدى
المؤسسات و الهيئات المذكورة ، أن تدلي بها إلى الإدارات الضريبية للدول
والحكومات التي سبق للمغرب أن أبرم معها اتفاقات تبادل آلي للمعلومات
لأغراض جبائية ، وذلك وفق كيفيات ستحددها نصوص تنظيمية (6) .

هوامش :

1 – انظر مقالنا ” المراقبة الضريبية بين حقوق الإدارة وواجبات
الخاضعين للضريبة ” المنشور بتاريخ 21 فبراير 2019 بمجلة القانون والأعمال
الإلكترونية التي تصدرها كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية
بسطات .

2 – جاء في الفقرة الأولى من المادة 214 من المدونة العامة للضرائب
ما يلي : ” يمارس حق الإطلاع بأماكن المقر الإجتماعي للأشخاص الطبيعيين
والمعنويين المعنيين أو مؤسستهم الرئيسية ، ما عدا إذا قدم المعنيون بالأمر
المعلومات كتابة أو سلموا الوثائق مقابل إيصال لمأموري إدارة الضرائب .
تقدم المعلومات والوثائق المشار إليها أعلاه إلى مأموري إدارة الضرائب
المحلفين الذين لهم على الأقل رتبة مفتش مساعد …” والملاحظ أن رتبة ” مفتش
مساعد ” التي لازالت تحتفظ بها هذه المادة ، قد تم إلغاؤها من قانون
الوظيفة العمومية ومن قاموس الوظيفة الضريبية ، لذلك يجب الإستعاضة عنها
بمصطلح ” مفتش الضرائب ” صفة لا رتبة ، لأن الصفة شيء والرتبة شيء آخر ،
كما أن الصفة تعطي لحاملها أو المخولة له اختصاصات قوية مهما كانت رتبته أو
درجته كما هو الشأن بالنسبة لصفة ” ضابط الشرطة القضائية ” المنصوص عليها
في المادة 20 من قانون المسطرة الجنائية حيث يمكن أن يحمل هذه الصفة مفتش
شرطة صغير أو مدير عام الأمن الوطني على حد سواء ويمكن أن يحملها دركي صغير
أو ضابط سامي للدرك وهكذا دواليك ، وهذا ما يجب أن يطبق على سبيل القياس
على مفتش الضرائب بحيث يكفي أن تكون له صفة ” مفتش الضرائب ” سواء كان من
المتصرفين أو المهندسين أو التقنيين أو غيرهم … وأن يكون محلفا لدى المحاكم
، حتى يوثق بمضمن الأعمال التي يقوم بها إلى أن يثبت العكس أو يطعن في ذلك
بالزور مهما كانت رتبته الإدارية .

ولذلك فإننا ندعو إلى تعديل المادتين 210 و214 من المدونة العامة
للضرائب وتعويض ” مأموري الضرائب المحلفين الذين يحملون على الأقل رتبة
مفتش مساعد ” ب ” مفتشي الضرائب المحلفين ” مهما كانت رتبتهم أو درجتهم ،
حتى لا يتخد ذلك بعض المحاسبين أو بعض الخاضعين للضريبة ذريعة أومطية من
أجل إبطال الضريبة بسبب عيب شكلي أو مسطري .

3 – المادة8 من قانون المالية للسنة المالية 2016 .

4 – جاء في الفقرة الخامسة من المادة 210 من المدونة العامة للضرائب
التي تم إدراجها بمقتضى المادة 7 من قانون المالية للسنة المالية 2019 ما
يلي : ” يجب على المنشآت التي لها علاقة تبعية مباشرة أو غير مباشرة مع
منشآت توجد خارج المغرب أن تضع رهن إشارة إدارة الضرائب الوثائق التي تمكن
من تبرير سياسة أثمان التحويل التي تعتمدها المشار إليها في المادة 214 –
III – ألف – أدناه، وذلك عند تاريخ بدء عملية فحص المحاسبة .

في حالة عدم تقديم جزء من الوثائق المحاسبية وأوراق الإثبات المنصوص
عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل وإن اقتضى الحال
الوثائق السالفة الذكر المشار إليها في المادة 214 – III – ألف – أدناه ،
خلال فحص سنة محاسبية معينة ، يدعى الخاضع للضريبة وفق الإجراءات المنصوص
عليها في المادة 219 أدناه لتقديم هذه الأوراق والوثائق داخي أجل ثلاثين
(30) يوما ابتداء من تاريخ تسلم طلب تقديم الأوراق والوثائق المذكورة ،
ويمكن تمديد هذا الأجل إلى نهاية فترة المراقبة .”

5 – انظر الفقرة الثالثة – ألف من المادة 214 من المدونة العامة
للضرائب التي تمت إضافتها بمقتضى البند الأول من المادة7 من قانون المالية
للسنة المالية 2019 .

6 – انظر الفقرتين الخامسة والسادسة من المادة 214 من المدونة
العامة للضرائب التي تمت إضافتهما بمقتضى البند الأول من المادة8 من قانون
المالية للسنة المالية 2018

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى