هيئة الأطباء تطالب الدولة ب”الاستفادة” لأجل بقاء المصحات الخاصة مفتوحة
في وقت يعرف فيه المغرب جائحة خطيرة تهدد صحة المغاربة جميعاً
دون استثناء ومن المفروض تظافر الجهود للتصدي لهذا الوباء، وعوض أن تخرج
بعض الهيئات الطبية لإعلان مساهمتها المالية في الصندوق الصندوق التضامني
الذي أحدثه عاهل البلاد الملك محمد السادس، أو لإعلان تسخير مواردها
البشرية وأدواتها الطبية ووضعها رهن إشارة وزارة الصحة المغربية لمساعدة
مرضى ”كوفيد ١٩“ المستجد، أبت الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء إلا أن
تخرج من جحر التضامن والإنسانية، بل وتعدت ذلك لمطالبة رئيس الحكومة بدعم
مالي وتوفير حلول استثنائية تستفيد منها العيادات والمصحات الطبية.
بين المطالب التي جاءت في مراسلة الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء لرئيس
الحكومة، تحت موضوع :”طلب استعجالي حول وضعية المصحات الخاصة والعيادات
الطبية“، (المطالبة) بالإعفاءات والتسهيلات الضريبية وكذا الإجراءات
المتعلقة بصندوق الضمان الإجتماعي، مع كل إجراء متاح، :”وذلك بالرغم من
الإبقاء عليها مفتوحة في وجه العموم نظرا للحاجة والمصلحة“.
وقالت
الوثيقة المرسلة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، :”إنه لمن المؤسف أن
أخبركم في هذه الظرفية الحساسة التي يمر بها وطننا العزيز، أن طبيبات
وأطباء القطاع الخاص وجدوا أنفسهم محاصرين بين الواجب والقانون الذي يحتم
عليهم ابقاء مصحاتهم وعياداتهم مفتوحة في وجه العموم بالرغم من قلة ان لم
نقل انعدام المترددين عليها، وبين شبح تعرضهم للإفلاس وخسائر مادية فادحة
تهدد أمنهم الاقتصادي“.
واسترسلت الوثيقة بالقول :”ولئن استرعى
انتباه جنابكم الكريم، إلى ما قد تنتج الحالتين من أثار، فتح العيادات
والمصحات وما يترتب عليه من التزامات مالية تثقل الأطباء المعنيين الذين
سيكونون ملزمون بتحلمها، خُصوصا انهم عند عدم اقفال مؤسساتهم لن يستفيدوا
من الدعم المخصص لهذه الحالات، من جهة“.
وزادت الوثيقة قائلة :”ومن
جهة أخرى، ما يترتب عم اقفال العيادات من عجز في تقديم الخدمات الصحية،
وكذا مواجهة الأطباء المعنيين بقوة القانون والتدابير الزجرية المحددة
لمواجهة هذه الحالة“.
هذا وأثارت الوثيقة امتعاض عدد كبير من
المواطنين المغاربة الذين استنكروا هذا السلوك المرفوض، مشيرين إلى أن عدد
من المصحات والعيادات الخاصة لا يحق لها التقدم بطلبات مثل هاته وخلال هذه
الظرفية الخاصة، علماً أن الأخيرة معروفة بالمداخيل المالية الباهضة
وتكلفتها الطبية المرتفعة في حق المواطن المغربي الذي يجد نفسه بين مطرقة
ضعف المنظومة الصحية ب ”السبيطار المغربي“ وسندان فاتورة التطبيب الملتهبة
بالمصحات الخاصة المغرب.
رضوان السملالي رئيس الجمعية الوطنية
للمصحات الخاصة، كشف في تصريح ل”هبة بريس“ الإلكترونية على أن المصحات
الخاصة تشتغل وتستقبل المرضى بشكل عادي، قائلا :”حنا خدامين كنقابلوا
المريض …وإلا لقيتوا شي مصحة سادة عيطوا لينا“.
هذا وبالرجوع إلى
كرونولوجيا الأحداث، فقد عقدت الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة زوال يوم
الإثنين 16 مارس 2020، اجتماعا تقنيا ترأسته المديرة الجهوية لوزارة الصحة
بجهة الدارالبيضاء سطات، وعدد من مسؤولي الوزارة، بحضور ممثلي 34 مصحة كبرى
بالعاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء.
وعرف الاجتماع تقديم ممثلي
وزارة الصحة لعرض حول ظهور فيروس “كوفيد-19″، والكيفية التي انتشر بها
والوضعية الحالية التي توجد عليها بلادنا، بعدها تم تدارس سبل دعم المصحات
الخاصة للمجهودات التي تبذلها الدولة على مستوى تحسيس المواطنين
والمواطنات، وانخراطها في العمل الجماعي الذي يهدف إلى مواجهة الفيروس
والحدّ من انتشاره، وهو ما أكدت عليه الجمعية الممثلة لأرباب المصحات
الخاصة، مشددة على أنها وإلى جانب المبادرات التوعوية التي سطرتها، فإنها
تضع نفسها، سواء تعلّق الأمر بالمصحات أو بالمهنيين، خاصة في كل ما يتعلق
بمصالح الإنعاش، رهن إشارة وزارة الصحة، للمساهمة في هذه الظرفية الدقيقة
التي تمر منها بلادنا.
وأكد ممثلو المصحات الخاصة الذين حضروا
الاجتماع عن تعبئتهم وتجندهم الدائم، كما هو الحال دوما، لتلبية نداء
الواجب ولخدمة المواطنين، داخل المصحات الخاصة وكذلك في المستشفيات
العمومية، دعما لمجهودات القطاع العام، من أجل التصدي لأية تداعيات للإصابة
بفيروس كورونا المستجد.
وخلص الاجتماع إلى تشكيل لجنة عمل مشتركة
تضم ممثلين عن وزارة الصحة والجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، لتدارس وتطوير
السبل الإجرائية لكل المقترحات، ووجهوا نداء من جديد للمواطنات والمواطنين
باتباع الإرشادات والتدابير الوقائية التي توصي بها وزارة الصحة، وتفادي
الاختلاط قدر الإمكان، للمساهمة الجماعية في الحيلولة دون انتشار العدوى.
وبتاريخ
28 مارس الجاري من سنة 2020، أصدرت أربع هيئات من الخواص بياناً صحافياً
تعلن فيه وضع المصحات الخاصة البالغ عددها 500 مصحة، نفسها رهن إشارة
الدولة، بكافة قدراتها وإمكانياتها المادية واللوجستيكية والبشرية، كما هو
الحال بالنسبة لأسرّة الانعاش، وبنيات بأكملها مخصصة لدعم جهود الدولة، كما
أن أطباء الانعاش بالقطاع الخاص، مستعدون لتقديم المساعدة والدعم لزملائهم
في القطاع العام.
وبموجب هذا البلاغ أعلن أطباء القطاع الحر
والمصحات الخاصة عن تعبئتهم الشاملة والمواطنة من أجل تقديم الدعم الكامل
لمواكبة ومصاحبة احتياجات المواطن المغربي خلال هذه الفترة الحرجة، بتعاون
وثيق مع إخوانهم وزملائهم في القطاع العام والقوات المسلحة الملكية.
هذا
وحدد القانون رقم 08.12 في المادة الأولى من بابه الأول، إلى أن الهيئة
الوطنية للطبيبات والأطباء تضم لزوما جميع الطبيبات والأطباء الممارسين
لمهنة الطب بالمغرب سواء في القطاع الخاص أو في القطاع العام. في مرافق
الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية أو في المراكز الاستشفائية
الجامعية بصفتهم أساتذة باحثين أو في القوات المسلحة الملكية.
أما
هدف الهيئة فحددته المادة الثانية، في صيانة المبادئ والتقاليد والقيم
المرتبطة بالمروءة والكرامة ونكران الذات التي يقوم عليها شرف مهنة الطب،
وإلى الحرص على تقيد أعضائها بما تقضي به القوانين والأنظمة والأعراف
المتعلقة بمزاولة الطب وعلى أن تتصف الطبيبة والطبيب بالنزاهة والكفاءة.
فلماذا
نصبت هذه الهيئة نفسها محامياً عن المصحات الخاصة وتطالب بالاستفادة من
الإعفاءات وتبتز المغاربة والدولة بإغلاق مصحاتها في حالة لم تتلقى تسهيلات
وإعفاءات ضريبية؟ في حين أن عملها الرئيس في تخليق المرفق الطبي الصحي
العام والخاص يكاد مندثراً على مر السنة. فعوض أن تبدي مساهمتها المجانية
في ظرفية عصيبة اختارت نهج أسلوب لا يمث للإنسانية بصلة ولا بالتضامن
الاجتماعي مع المغاربة، علماً أنها تعي مسبقاً وضعهم الاجتماعي المزري الذي
لا يسمح لهم لا بالتطبيب ولا بتحمل الدولة عدد المرضى لا قدر الله وامتلأت
المستشفيات ؟