Uncategorized
تقي الدين الهلالي مفخرة المغرب والمفارقة والعالم الإسلامي
د : خليفة مزضوضي
العلامة المحدث و اللغوي الشهير و الأديب البارع و الشاعر الفحل و الرحالة المغربي ..
إنه أبو شكيب , الدكتور محمد تقي الدين الهلالي ..
وُلد رحمه الله تعالى سنة 1311 هـ بقرية ” الفرخ ” بمنطقة تافيلالت في أسرة علم و فقه , و كان جده و والده من فقهاء تلك البلاد ..
* رحلاته لطلب العلم و خدمته للدعوة
– حفظ القران على والده و هو بن اثنتي عشر سنة ..
– حفظ مختصر خليل في الفقه المالكي على الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله التندغي الشنقيطي
– و قرأ عليه علوم اللغة و الفقه المالكي حتى صار الشيخ ينيبه عنه في غيابه
– بعد وفاة شيخه
– توجه لطلب العلم على علماء وجدة و فاس آنذاك إلى أن حصل على شهادة من جامع القرويين
– ثم سافر الى القاهرة ليلتقي بها بجلة من العلماء منهم الشيخ رشيد رضا و مجموعة من علماء الازهر ..
– ثم بعدها حج بمكة ليسافر الى الهند و بها التقى بالمباركفروي صاحب الرحيق المختوم في السيرة , و أخذ عنه و نهل من علوم الحديث , كما التقى بها على جلة من علماء الهند ..
– و بعدها توجه بحو البصرة بالعراق و بها التقى جبلا من جبال العلم و هو العالم الموريتاني المحقق الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان في التفسير و نهل منه العلوم الغزيرة ..
– ثم سافر الى السعودية مرورا بمصر حيث اعطاه الشيخ رشيد رضا توصية للملك عبدالعزيز قال فيها (إن محمدا تقي الدين الهلالي المغربي أفضل من جاءكم من علماء الآفاق، فأرجو أن تستفيدوا من علمه)
– عُين مراقبا للتدريس بالمسجد النبوي ثم نقل إلى المسجد الحرام والمعهد العلمي السعودي بمكة وأقام بها سنة واحدة .
– ثم جاءته رسائل من الهند تدعوه للتدريس بمدارسها , وصار رئيس أساتذة الأدب العربي في كلية ندوة العلماء في مدينة لكنهو .. و بها اصدر مجلة ” الضياء “
– و بعد ثلاث سنوات عاد الى البصرة و اقام بها ثلاثا أخرى ..
– بعد ذلك سافر إلى جنيف بسويسرا و أقام عند صديقه،أمير البيان، شكيب أرسلان ..
– ثم بعدها سافر الى ألمانيا وعُين محاضرا في جامعة “بون” وشرع يتعلم اللغة الألمانية، حيث حصل على دبلومها بعد عام، ثم صار طالباً بالجامعة مع كونه محاضراً فيها، وفي تلك الفترة ترجم الكثير من الألمانية وإليها ..
– وبعد ثلاث سنوات في بون انتقل إلى جامعة برلين طالبا ومحاضرا ومشرفا على الإذاعة العربية ، وفي سنة 1940م قدم رسالة الدكتوراه، حيث فند فيها مزاعم المستشرقين أمثال: مارتن هارثمن، وكارل بروكلمان، وكان موضوع رسالة الدكتوراه ” ترجمة مقدمة كتاب الجماهر من الجواهر مع تعليقات عليها “
– و أثناء الحرب العالمية الثانية سافر الشيخ إلى المغرب ، وفي سنة 1947م سافر إلى العراق و قام بالتدريس في كلية “الملكة عالية” ببغداد إلى أن قام الانقلاب العسكري في العراق فغادرها إلى المغرب سنة 1959م.
– و في هذه السنة (سنة 1959م) عين مدرسا بجامعة محمد الخامس بالرباط ثم بفرعها بفاس ، وفي سنة 1968م تلقى دعوة من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة آنذاك للعمل أستاذا بالجامعة منتدبا من المغرب فقبل الشيخ الهلالي وبقي يعمل بها إلى سنة 1974م حيث ترك الجامعة و عاد إلى مدينة مكناس بالمغرب للتفرغ للدعوة إلى الله ، فصار يلقي الدروس بالمساجد و يجول أنحاء المغرب ..
هذا رجل قل أن تجد له نظيرا في رحلته في مثل زماننا هذا .. فاللهم ارحمه و انفعنا بعلمه ..
* شيوخه :
• الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله الشنقيطي
• الشيخ عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري
• الشيخ محمد العربي العلوي
• الشيخ الفاطمي الشرادي
• الشيخ أحمد سكيرج
• الشيخ محمد بن حسين بن محسن الحديدي الأنصاري اليماني
• الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (غير صاحب “أضواء البيان”)
• الشيخ رشيد رضا
• الشيخ محمد بن إبراهيم
• بعض علماء القرويين
• بعض علماء الأزهر
* مؤلفاته رحمه الله :
• الزند الواري والبدر الساري في شرح صحيح البخاري [المجلد الأول فقط]
• الإلهام والإنعام في تفسير الأنعام
• مختصر هدي الخليل في العقائد وعبادة الجليل
• الهدية الهادية للطائفة التجانية
• القاضي العدل في حكم البناء على القبور
• العلم المأثور والعلم المشهور واللواء المنشور في بدع القبور
• آل البيت ما لهم وما عليهم
• حاشية على كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب
• حاشية على كشف الشبهات لمحمد بن عبد الوهاب
• الحسام الماحق لكل مشرك ومنافق
• دواء الشاكين وقامع المشككين في الرد على الملحدين
• البراهين الإنجيلية على أن عيسى داخل في العبودية وبريء من الألوهية
• فكاك الأسير العاني المكبول بالكبل التيجاني
• فضل الكبير المتعالي (ديوان شعر)
• أسماء الله الحسنى (قصيدة)
• الصبح السافر في حكم صلاة المسافر
• العقود الدرية في منع تحديد الذرية
• الثقافة التي نحتاج إليها (مقال)
• تعليم الإناث و تربيتهن (مقال)
• ما وقع في القرآن بغير لغة العرب (مقال)
• أخلاق الشباب المسلم (مقال)
• من وحي الأندلس (قصيدة)
و غيرها كثير ..
* قالـــــــوا عنه :
هذه شهادات بعض العلماء في الدكتور تقي الدين رحمه الله
– الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله :
“في الحقيقة لم ألتق مع رجل يحوي علما جما في فنون عديدة مثل الدكتور الهلالي، وقد مضت علي الآن خمس وأربعون سنة لم أر مثله”.
“وكان يعرف من اللغات: اليهودية، والألمانية، والإنجليزية، والأسبانية، بجانب العربية بحيث لو كان في زمن الأصمعي لسلّم له بأنه إمام في العربية”.
” ثم عاش في العراق مدة بعد خروجه من المدينة، وتزوج هناك، وكان شاعرًا يمتاز بميزات نادرة”.
“… وهو شيخي استفدت منه كثيرا، وكان سلفي العقيدة لو قرأت كتابه في التوحيد لعلمت أنه لا يعرف التوحيد الذي في القرآن مثله”.
– الشيخ رشيد رضا رحمه الله :
كتب الشيخ رشيد رضا إلى الملك عبد العزيز آل سعود رحمهما الله يقول:
“إن محمدا تقي الدين الهلالي المغربي أفضل من جاءكم من علماء الآفاق، فأرجو أن تستفيدوا من علمه”.
– الأمير شكيب أرسلان :
كتب الأمير شكيب أرسلان (و هو صديق للشيخ تقي الدين الهلالي رحمهما الله) توصية إلى أحد أصدقائه بوزارة الخارجية الألمانية قال فيها : “عندي شاب مغربي أديب ما دخل ألمانيا مثله، وهو يريد أن يدرِّس في إحدى الجامعـات، فعسى أن تجدوا له مكاناً لتدريس الأدب العربي “
– الحاج أحمد هارون التطواني :
يقول الحاج أحمد هارون التطواني و هو من تلاميذ الشيخ :
“لم يكن شيخنا ليضيع وقتا مهما كان، يقرأ ويكتب الأشعار و هو في السيارة، يقضي يومه من الصباح إلى المساء في علم وتعليم وذكر وتأليف “
“يتميز أستاذنا باتصاله بالشعب، فأي شخص صغير أو كبير يستطيع أن يوقفه في الشارع ويتحدث معه، كما كان بيته مفتوحا دائما فتجد الأفواج تأتي إلى منزله وهو لا يمل من الترحاب والإكرام، وكان يقوم بنفسه قبيل صلاة الصبح يسخن لنا الماء لنتوضأ به”
– الشيخ مشهور آل سلمان :
“لم أسمع ولم أر مثله إلا شيخنا (يعني الشيخ الألباني رحمه الله) ، وبينه وبين شيخنا الإمام الألباني مشابهات كثيرة جدا وكان عالما بالتوقيت وحريصا على التوقيت وكتب كتابا في أصول التوقيت وبيان أن أوقات الصلوات خطأ، و كان شيخنا يمدحه في هذا الباب، والتقى به ومدحه”
– الشيخ سليم بن عيد الهلالي :
يعد العلامة تقي الدين الهلالي بحق مجدد التوحيد في هذا القرن
– الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله
“الفاضل فاضل حيث كان، كما أنّ الشمس شمس شرقت أم غربت.
والأستاذ العلامة محمد تقي الدين الهلالي –صاحب الفصول الممتعة والبحوث الجليلة في صحيفة الفتح- من أفاضلنا الذين أجمع على الإعتراف بفضلهم الشرق والغرب، والعرب والعجم، والمسلمون وغير المسلمين.فهو في الحجاز نار على علم شهرة وفضلا. وفي الهند تبوأ منصة التدريس في أرقى جامعاتها وفي العراق معروف بدؤبه على خدمة هذه الأمّة وحرصه على خيرها، وهو الآن في ألمانيا موضع الحرمة من أركان جامعة بن التي يتولى التدريس فيها..
فالأستاذ الهلالي رجل علمي واسع النظر واقف على أحوال الشرق والغرب لذلك كان ما يقرره في بحوثه من حقائق يأتي ناضجا مفيدا ممتعا، ومن حسن الحظ أنّ قراءنا يقدرون رجالهم كما نقدرهم وكل ما يكتبه الأستاذ الهلالي وأضرابه في الفتح يأتي بالفائدة المرجوة منه والحمد لله .”
وفــــــــــــــــــــاته رحمه الله :
توفي رحمه الله وم الإثنين 25 شوال 1407هـ الموافق لـ 22 يونيو 1987م بمنزله في مدينة الدار البيضاء بالمغرب. و قد شيع جنازته جمع غفير من الناس يتقدمهم علماء و مثقفون و سياسيون.
و هذه هي خاتمة الشيخ محمد تقي الدين الهلالي :
حدثنا رجل ممن جالس الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله و زاره الشيخ في بيته و هو السيد عبد الإله الشرقاوي(*) الرباطي (و هو مقيم بالمغرب حاليا) أن ابن عم الشيخ المعروف في المغرب بــ “الهلالي” حدثه بما يلي :
كان الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله في أواخر أيام حياته مريضا طريح الفراش و كان لا يستطيع أن يتوضأ فكان يتيمم ؛و كان رحمه الله لا يرى التيمم بالحجر بل يتيمم بالتراب إذ كان له بمنزله كيس يملؤه بالتراب لذلك الغرض، و إذا قيل له تيمم بالحجر قال لا هذا فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم (يعني التيمم بالتراب).و ذات يوم قال لأهل بيته إيتوني بوَضوء فقالوا له أنت لا تستطيع التوضؤ فتيمم ، لكنه أصر على الوضوء فأتوه بوضوء.فتوضأ رحمه الله و صلى ركعتين و استلقى على الفراش و قال لمن كان ببيته من يجيد منكم قراءة القرآن ، فقرأ عليه أحدهم سورة ياسين و هو ينصت حتى أتمها؛ثم قال له الشيخ رحمه الله أعد القراءة من قوله تعالى :
{ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }
فأعاد القارئ القراءة إلى أن انتهى من قوله تعالى :
{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ }
فرفع الشيخ إصبعه إلى السماء (يعني و كأنه يقول : الله هو الذي يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) ففاضت روحه من حينها ، فرحمه الله رحمة واسعة و رزقنا و إياكم حسن الخاتمة. آمين.
فيا شباب المغرب , لا يزال الخير فينا إن عرفنا أهل الخير فينا ..
هذا رجل ترعرع في مكان قصي جدا من المغرب في جبالها .. لكنه نال من العلم من اهله ما لم ينله من تربى وسط الحظارة و فسيفسائها ..
المغاربة ناس كرماء و شجعان لا تثنيهم الصعاب عن بلوغ المكارم ..
الشباب المغربي لا يعرف الطريق الى الملاهي و لا يفاخر بإتيانه المنكرات ..
و لقد كان الشباب المغربي زمانا يفتخر بالسابقة في العلم و ميادين الجهاد ..
و ما تقي الدين إلا نموذج من فيض من النماذج المباركة ..