بقلم: ماحا الحنفي
الأمازيغية والملكية:
الحاج “محمد الدمسيري” تنبأ بمستقبل الأمازيغية في ظل الملكية.
إذا أجاز أن ينعث إنسان بأنه مبصّر أو راء يرى بقلبه وعقله وحدسه فان
هذا الإنسان هو ( الرايس ) دون شك في ذلك لأنه يتحدث عن أشياء تكون غامضة
في تلك اللحظة , لكن بعد مرور الوقت تتحقق تلك الأمور.
قال الحاج محمد الدمسيري سنة 1984 حين كان يمدح ملك المغرب الراحل “الحسن الثاني “:
سِيرْ أسْلاَمْ أكْ أَزْنْغْ سْ لْمَلِكْ نـَّاغْ
تِيليغْرَامْ نـْرَا أدَاغْتْ أَحْـنّـَا تـَاوِيتْ
أسْ نْبَارْكْ لْعْرْشْ نْبَارْكَاسْ أولا أَرَّاوْ نْسْ
إمْـرْبَّا أَسْـدِي رَشِيدْ أَوْنْ إِطْـوْلْ لْعُـمـُرْ
سِــيدِي مُحْمّــادِ أولْحَسَــنْ أَلاَمِيـــرْ
أَدْيِّ كـْنْ إڴْ رْبّي دْ لـْفْنَارْ نُّونْ أَسُوسْ
” الحاج محمد الدمسيري وبمناسبة ذكرى عيد العرش سنة 1984 بعت بالتهاني لملك
المغرب آنذاك الراحل “الحسن الثاني” فدعا للأمير مولاي رشيد بطول العمر
ودعا للأمير والي العهد محمد بن الحسن بان يكون سيراجا يُنير “سوس ” كـأنه
تنبأ بأن الامازيغة سترى النور في عهد محمد السادس.
لا يختلف إثنان في أن الدمسيري عاش كل حياته “1937-1989″ والامازيغية تعيش
تهميشا قاسيا لغة وثقافة…. فمنذ إستقلال المغرب سنة 1956 ظلت الدولة
المغربية مرتبطة إديولوجيا بالقومية العربية والسلفية الإسلامية واعتبرت أي
حديث عن الامازيغية يهدد الوحدة الوطنية ويؤدي إلى التقسيم فانطلق مسلسل
التعريب منذ عام 1957 وتم فرض المبادئ الأربعة لإصلاح منظومة التعليم :
الوحدة , التعميم , المغربة , التعريب وخلال جل المناظرات حول التعليم
المغربي : المعمورة 1964 .. إفران الأولى 1970 إفران الثانية 1980 تم ترسيم
هيمنة اللغة العربية وتغييب الامازيغية وقد بلغت العلاقة بين الدولة
والحركة الامازيغية مرحلة التوتر عام 1982 عندما ألقي القبض تعسفا على
الأستاذ الجامعي ” علي صدقي أزايكو ” وفي ماي 1994 اعتقل 3 عناصر من جمعية
أمازيغية في الراشيدية وحكم عليهم بالسجن لكونهم رفعوا لافتة طلبوا فيها
بتدريس الامازيغية .. كما أن الدمسيري نفسه نال حظه من هذه الاعتقالات
التعسفية بسبب دفاعه عن الامازيغية لذلك اتضح له جليا أن واقع الامازيغية
المزري لا بد أن يتغير فتنبأ بأنها سترى النور فيما بعد “الحسن الثاني” ..
وفعلا وبعد وفاة الدمسيري بعشر سنوات ومع تولي جلالة الملك “محمد السادس”
الحكم أطلق عدة إشارات رمزية توحي أنه سيطبق مفهوم جديد في التعامل مع
الملف الامازيغي فقام :
•بزيارة مصالحة إلى الريف في أول رحلة له داخل المغرب, هذه المنطقة التي لم يسبق لها أن زارها الحسن الثاني
• رد الاعتبار للزي الامازيغي حيث يظهر العاهل المغربي “محمد السادس” في
مناسبات رسمية وهو يضع العمامة الصفراء بدل الطربوش الأحمر إضافة إلى
الجلباب المغربي وتحته القشابة البيضاء وهذا جزء من الهوية الامازيغية .
•عين جلالة الملك شخصيات أمازيغية في مواقع هامة في أجهزة الدولة كحسن أوريد ناطق رسمي بالقصر الملكي .
• في 30 يوليوز 2001 أعلن محمد السادس عن إنشاء مؤسسة من أجل النهوض
بالامازيغية لأول مرة في تاريخ المغرب وهي المعهد الملكي للثقافة
الامازيغية .
• محمد السادس تخلص من العبارات التقليدية ذات الحمولة القدحية مثل (
البربر – البربرية ) التي استعملها المغفور له “الحسـن الثاني” في خطاب 20
غشت 1994 وتكررت في نص الخطاب 12 مرة ، واستبدلها بكلمة ” الثقافة
الامازيغية”.
• محمد السادس قال في حوار له مع مجلة فرنسية “Paris match” ليوم 8/11/2001
: ” أنا شخصيا نصفي أمازيغي بمعنى لا يمكنني أن أنفي جزء من ثقافتي
وجيناتي ”
• في عهد محمد السادس وفي 6/01/2010 انطلقت أول قناة أمازيغية في تاريخ المغرب ” القناة الثامنة “.
• في عهد محمد السادس استأنفت عملية تدريس الامازيغية التي توقفت في عهد الحسن الثاني بعد ما كانت تدرس خلال فترة الاستعمار الفرنسي
• في عهد محمد السادس أصبحت الأمازيغية لغة رسمية للدولة بمقتضى نص دستوري.
دعوته اليوم في خطاب الذكرى 44 للمسيرة الخضراء الى ربط عاصمة سوس بالسكة
الحديدية “.
إذن لا شك أن ما قاله الحاج محمد الدمسيري سنة 1984 ( أي أن يجعل محمد
السادس نبراسا ينير سوس أمر حقيقي .. وتنبأ به قبل 31 سنة. هذا هو فن
الروايس .. فلسفة عالية وتنبؤات أكاديمية والرايس لم يتخرج حتى من مدرسة
ابتدائية.