حوادثسلايد

التشرميل … عودة البلطجة

 
 اسرار بريس
ساهمت مواقع التواصل السريع، في نشر مشاهد جرائم الضرب والجرح باستعمال
السلاح الابيض، وتقديم صور بشعة لضحايا تعرضوا للإيذاء العمدي، لهدف سرقة
أشياء زهيدة، كهاتف محمول أو حقيبة يد، وغيرها مما يحمله المواطن في الشارع
العام.وفي كل مرة ينشر مشهد مروع، تتعالى أصوات في العالم الافتراضي،
مطالبة بالقصاص من الفاعلين وبمحاربة الجريمة، بل في بعض الأحيان المطالبة
بإعدامهم، وهي أصوات أنتجتها حماسة المشاعر الرافضة للسلوك الأرعن داخل
المجتمع.
ولم يعد هذا النوع من الجرائم، متوقفا على نقطة موصوفة بأنها سوداء أو
مدينة معروفة بالاكتظاظ، إذ تكاد الصور الواردة من مختلف المدن والأقاليم
تتشابه من حيث الوقائع والأسباب، وتتشابه معها المطالب والمشاعر، فجرائم
اعتراض السبيل للسرقة بالبيضاء ومراكش وسلا وآسفي طنجة ووجدة وأكادير
وغيرها، هي نفسها، وتتشابه فيها الأسباب والنتائج، ويظل هاجس المواطن هو
نفسه في كل هذه المدن، وهو القضاء على هذا النوع من الجنوح، الذي يكاد يمنع
التجول ويعطل الحريات. الأمن يقدم في كل شهر إحصائيات بعدد الموقوفين،
والقضاء يدين في كل شهر عددا من المتهمين، والسجون امتلأت حتى فاقت طاقة
استيعابها، فهل المقاربة الأمنية وحدها كافية للقضاء على الجريمة؟ وهل
الاعتقال والإدانة يوقفان زحفها ويردعان المتورطين فيها؟
الجواب هو النفي، فحالات العود تشير بالملموس، إلى أن الفاعلين، لا يغادرون
السجن إلا ويعودون إليه، بالتهم نفسها، بل منهم من يعود بتهمة أشد بعد
تسببه في عاهة مستديمة لضحيته. وهو ما يؤكد أن المقاربة الأمنية وإن كانت
مطلوبة، إلا أنها تساهم في وقف الجريمة بشكل وقتي، نتيجة الحيطة والحذر،
سيما مع الحملات، لكنها لا تقضي على هذا النوع من الجريمة، طالما أن
مسبباتها ما تزال قائمة، ويختلط فيها الاجتماعي والاقتصادي بالتربوي
والأسري.
في الملف التالي نعرض لأوجه جرائم روعت المدن، ونستقرئ رأي المختص في علم الاجتماع.

جرح الجرائم الذي لا يندمل

حوادث متفرقة كشفت ترسخ الفعل الجرمي في عقلية المشتبه فيهم
لا يكاد يمر يوم دون أن يطالع المغاربة صورا وفيديوهات يتم تداولها على
مجموعة من الصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تظهر ضحايا
«التشرميل» كُتب عليهم أن يكونوا سببا في نقاش مجتمعي حول جرائم بشعة يختار
مرتكبوها التفنن في تخليدها عبر خط ندوب في وجه أشخاص أبرياء ضحايا السرقة
أو التحرش، أو خصام زوجي، أو سوء فهم يتطور إلى عداوة.



وكشفت الحوادث المرتبطة ب»التشرميل” عودة الظاهرة بقوة إلى وسط المجتمع
المغربي، فمن خلال عدد من الوقائع يمكن دق ناقوس الخطر لمعالجة القضية قبل
استفحالها.
من بين الحالات التي كشفت بشاعة “التشرميل” المرتبط بعملية الإيذاء العمدي،
استهداف رجل لشريكة حياته، بمجرد طلبها الطلاق، بعد أن أحدث تشوهات بوجهها
انتقاما منها حتى لا تتزوج من شخص آخر.
واهتز درب الفقراء بمنطقة درب السلطان بالبيضاء، منذ أشهر خلت على وقع قيام
جانح بتعنيف زوجته، وتوجيه طعنات لوجهها ما تسبب لها في مجموعة من
التشوهات.
وتمكنت فرقة الشرطة القضائية التابعة لمنطقة أمن الفداء مرس السلطان
بالبيضاء، حينها من إيقاف المتهم بعد فراره من مسرح الحادث مباشرة بعد
اعتدائه على زوجته، فيما تم نقل الضحية إلى المستشفى لتلقي العلاجات
الضرورية.
وفي تفاصيل الواقعة، أنه بعدما كان الزوج يتبادل الحديث مع شريكة حياته،
تفاجأ بطلبها الطلاق منه، إذ أخبرته أنها لم تعد تتحمل العيش معه، في ظل
المشاكل التي يعيشانها بشكل يومي.
ورغم محاولاته ثنيها عن قرارها، إلا أنها أوضحت له أنها ملت من العيش معه
بفعل عدم قدرتها على تحمل جو مكهرب، معتبرة أن استقرارها النفسي لن يكون
إلا بانفصالهما، ليسلك كل واحد طريقه، بعدما لم يعد هناكمجال للتفاهم والوئام، تحت سقف واحد.
وأمام الصدمة التي تلقاها الزوج وبفعل شعوره بأنه شخص غير مرغوب فيه، لم
يتقبل موقفها وتأججت دوافع الانتقام في دواخله ليقوم بتعنيفها. ولأن نار
الغيرة اشتعلت بدواخله، قرر «شرملة» الضحية دون تردد، وأحدث بوجهها مجموعة
من التشوهات بالسلاح الأبيض، في محاولة منه لمنعها من الزواج من شخص آخر،
إذا ما أصرت على الطلاق.
ومباشرة بعد ارتكابه لجرمه، عمت الفوضى بيت الأسرة، فيما نقلت الضحية إلى
المستشفى في حالة حرجة، لتلقي العلاجات الأولية بسبب التشوهات التي أصابت
وجهها، وتم ربط الاتصال بالشرطة التي استنفرت أفرادها وحلت بمسرح الحادث،
قبل أن تتمكن من إيقاف الزوج بعد فراره من البيت، وإحالته على النيابة
العامة بعد انتهاء فترة الحراسة النظرية.
وفي حالة أخرى، أسفرت عملية تدخل أمني لعناصر الشرطة التابعة لأمن كلميم،
عن إصابة رجل أمن، أثناء محاولته إيقاف جانح، بعد ضبطه في حالة تخدير
متقدمة، إثر شكاية من ضحيته الذي تعرض للسرقة والعنف باستعمال السلاح
الأبيض.
وتعود تفاصيل الواقعة، إلى استجابة الشرطة لطلب النجدة من قبل رجل أفاد
تعرضه لعملية سرقة هاتفه المحمول مع طعنه بالسلاح الأبيض من قبل جانح، قرب
مسجد الشرقي.
واعتمادا على أوصاف المشتكى به التي أدلى بها الضحية وكذا التحريات
الميدانية التي باشرتها مصالح الأمن، تمكنت الشرطة من ضبط المتهم قرب مسرح
الجريمة، وهو في حالة تخدير متقدمة، معرضا سلامة المارة والمواطنين للخطر.
وبمجرد أن توجهت عناصر الشرطة نحو المتهم وأمرته بالامتثال إلى القانون في
محاولة لاعتقاله ونقله للتحقيق معه، تفاجأت بمهاجمته لها، وإشهار سلاحه
الأبيض لإرغامها على التراجع، وبعد إصرارها على إيقافه، أصيب أحد الأمنيين
في يده، بعدما حال دون فرار المتهم، الذي كان في حالة هيجان يصعب معها
إيقافه.ورغم الحادث الذي تسبب في إصابة شرطي، تمكنت المصالح الأمنية بكلميم، من
اعتقال المتهم، وحجز السلاح الأبيض المستعمل في أنشطته الإجرامية، وبأمر من
النيابة العامة تم الاحتفاظ به تحت تدابير الحراسة النظرية، لفائدة البحث
والتقديم أمام العدالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى