التعريف والتوطئة
إن ثقافة الدفن والإعتقاد المرتبط به حاضر لدى المغاربة قبل الإسلام، لأن المغرب لم يعرف جاهلية لتأتيره بالحضارتين الإغريقية والرومانية، واحتضانه الديانة اليهودية والمسيحية وتأثره بهما في الدفن، وهناك أثر للتصوف الطرقي البارز في التبرك بالمزارات البشرية إلى جانب المزارات الطبيعية، والمقابر مجالات ينبغي أن تتبوأ مكانة مركزية تحترم كرامة الإنسان الميت والإنسان الحي الذي يعتبر المقابر جزءا لا يتجزأ ممن المشهد العام الذي ينظم اجتماعه البشري (جمال بامي مؤلف كتاب مقابر المسلمين بالمغرب) .
وجاء في مضمونه (المقابر المشاهد cimetiéres payasages) وهو مفهوم يدخل في إطار تدبير المقابر ضمن استراتيجية محكمة ومتكاملة لإعداد التراب وتأثيت المجال…
تاريخ المقابر (المدافن)
إن كثيرا من المدن نشأت بسبب مدفن أو قبر أو ضريح، كما جاء عن الأستاذ جمال بامي مبينا صلة رحم راسخة بين المدن والدين، ومستشهدا بالنجف لعلاقتها بضريح علي بن أبي طالب، وكربلاء.
وفي المغرب هناك:
مدينة وزان – شفشاون – أبي الجعد – قرية مولاي عبدالسلام بن مشيش – سبعة رجال بمراكش… وكلها نقط عمرانية أنشأتها القبور.
ويمكن إضافة ضريح وزاوية سيدي وسيدي بتارودانت، ودورها في انتشار بنايات وأزقة محيطة، مثل: الرحبة، درب اندلاس، برج المنصور، تركة ن تملالت وغيرها…
التحريات
من خلال التحريات الدقيقة يتبين:
– الحالة السيئة للمقابر، حيث يتم الدفن في معظمها بدون نظام دقيق
– عدم التوفر على سجلات الدفن
– انتشار الأزبال في أغلب محيطها وجوانبها وداخلها
– الاهمال الكبير على جميع المستويات: مرتعا للمتسكعين والمتسولين
علم المقبريات la nécrologie
إن دراسة علم المقبريات بالمغرب مازال خجولا ومتأخرا، فلم يلق الإهتمام بالغرم من فوائده العلمية والعملية، فقد جاء على لسان الباحثين والدارسين خصوصا الأجانب (دنيال شروير) حول الشواهد القبورية وتشكيلها وثائق لدراسة تطور السكان، فقد وظفها الباحث (حول مقبرة اليهود بإليغ ص9).
– وباحثين أكدوا أهمية المجال القبوري في:
– دراسة المجتمع والمدينة المغربيين، والباحث مصطفى مختار، وهو مسير القبورية بالمجال الفاسي، الذي اعتمد منهجيةالذاتية الاجتماعية، والتي تؤكد فاعلية بعض المفاهيم ودورها الأساسي في تشكيل المجال القبوري: مثل: – النسب – مفهوم الحرم – والحوز
وباختصار: إننا اليوم في أمس الحاجة لإضفاء طابع الرمزية على مقابر الشهداء والمناضلين والوطنيين.
الحقوق والواجبات
إن الوضع الاعتباري للمقابر من المنظور الحقوقي والقانوني أوردالانتهاك في لغة القانون وفي مفهوم حقوق الانسان ويعني به “كل حالة لا تحترم فيها أدمية الانسان” وحقوق الانسان: تشمله حيا وميتا بدفنه وعدم العبث بجثته واحتراممكان دفنه(ص 23)
واحترام القبوريات “يكتسي بعدا كونيا ينطبع بألوان ثقافية وحضارية خاصة تدعمه وتكسبه تجدرا في الضمير الجمعي”
– وفي قانون المسطرة الجنائية المغربي صرامة واضحة في مايتعلق بالجنح المرتبطة بالمس بحرمة المقابر.
الاشكالية
يرجع الباحث مسؤولية تدهور حالة المقابر بالمغرب إلى:
– تدخل الاختصاصات والمسؤوليات المادية والمعنوية في ما يتعلق بصيانة مقابر المسلمين، والأطراف التي تتحمل مسؤولية الدفاع عن حرمة المقابر ضدالإساءات والاعتداءات هي:
1- مصالح ومندوبيات وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية على الرغم من أنها ليست مسؤولة ترابيا عن تدبيرها
2- الجماعات المحلية: باعتبارها مرفقا عموميا جماعيا(ص 57)
المقترحات
من المفترحات العملية لحماية مقابر المسلمين حسب المؤلف:
– تفعيل القوانين المتعلقة بالصيانة
– تدبير المقابر من الجهات المعنية
– احداث مقابر نموذجية
– انشاء مكتب خاص لإدارة المقابر
– احداث مؤسسة خدمات الجنائز بتنسيق مع الجماعات المحلية
– تشجير الجنبات ونظافتها من الأزبال والفيضانات
الخاتمة
إن مقابر المغرب تشكو الاهمال والاكتظاض وقلة العدد وتفشي سلوكيات منحرفة، ولهذا السبب داعت الجمعيات النشيطة إلى ضرورة حماية الموتى مثل الأحياء بتخصيص شرطة خاصة بالمقابر وتنظيفها وصيانتها من الدنس ومراقبة محاولات البعض العبث بجثت الموتى لأغراض شخصية متنوعة