اسرار بريس المكي السباعي
يعتبر الوشم نوع من انواع الزينة المشتركة بين الرجل والمرأة ، بعد ان كان مقتصرا على النساء ، والوشم المتعارف عليه هو نوع من أنواع الجراحة البسيطة من أجل التزين ، ويكون عن طريق غرز الجلد بإبرة حتى يخرج الدم ، ثم تنثر عليه مادة النيلة او الكحل ، مما يعطيه لونا ويظهر شكلا مزخرفا . والوشم على هذه الشاكلة نجس باتفاق الفقهاء بسبب انحباس الدم الملوث في الموضع الذي غرزت فيه إبر الوشم . هذا الأخير الذي خرج عن مفهوم الزينة
بل اصبح مثالا لفكرة الحرية الشخصية وثقافة تقبل المحيط بحيث تعكس ظاهرة انتشار الوشم بانواعه بين الشباب العربي والمغربي ، حجم التأثيرات الخارجية التي خلقتها المؤثرات الاجتماعية والسياسية غير المستقرة لجل دول المنطقة . وبات رمز كل وشم على جسد شاب لغة تعبيرية جديدة ومواكبة للحدث تبحث في كينونتها على التميز والانتماء المفقود ، واداة تمرد المعاصرة على اصولية الآباء والاجداد والسلف. وظهور الوشم بشكل مُلفت في أوساط الشباب المغربي عامة والروداني على وجه الخصوص ليس مرهونا بشكله الجمالي واقتصاره على الرسم الفريد للتباهي ، وانما اصبح اسلوبا حيّا للتعبير عن آراء وافكار مسرحها ومختبر تجاربها الجسد في كل زواياه . وشباب اخر يتباها بالإظافة الى الوشم ، سوابقه الاجرامية والفترات الاعتقالية وتجاربه المتراكمة داخل غياهب السجون . والأطباء اليوم يعارضون وبإلحاح انتشار هذه الافة بين الشباب لما يسببه من أمراض خبيثة ، وهذا مايؤكده الدكتور سعيد الفاسي ( طبيب الأمراض الجلدية ) أن : ” احتمال انتقال العدوى من الأدوات المستعملة في الوشم غير المعقمة واردة ، مما يفتح الباب على مصراعيه لانتقال التهابات الكبد الوبائي وفيروس أنس.اي. المسبب للايدز ، ومرض سرطانات الجلد والصدفية والبكتيرية ، وأغلبها لها تأثيرات جانبية على الجسم من جهة ونفسية الواشم من جهة اخرى ، كما ان ازالة الوشم تصيب الجلد ببقع مما يعرف بأكسدة الخلايا ، وهذا ما يخلف الندم والحسرة في نفوس الواشمين بعد تغير لون الجلد والإصابة بالحساسية المفرطة . وترد الأخصائية الاجتماعية سعاد الراضي ان سبب لجوء الشباب اليوم الى الوشم ، أسباب كثيرة من بينها تقليد الغرب المسيطر على افكارهم ، ثم الفراغ القاتل ، مع عدم احساسهم بالثقة والامان من حولهم ومحيطهم ، مع الغياب الجزئي او الكلي للثقافة الدينية الموجهة والمقومة . وتشير الدراسات ان الواشم يعاني اضطراب نفسي وانحراف سلوكي ينتج عنه مرض مزمن ، وحالات الاكتئاب بعد الندم على وضع الوشم في مرحلة الطيش والخروج عن الصواب ، لهذا وجب تشديدالرقابة داخل المؤسسات التعليمية على هذا السلوك المشين مع فرض عقوبات زجرية على الواشمين للعدول عن قرارهم ، وللأسرة النصيب الأوفر في التوجيه ومنع وردع الأبناء المراهقين اثناء تقليد مخلفات الغرب وافكاره المدمرة ، والشاب الواشم اليوم سرعان ما تتغير أفكاره بعد نضجه فيصبح ناقما على من هم في مراكز القرار لتوجيهه وتهذيبه .