حوادثسلايد

تدخل أمني ينهي مبيت “المتعاقدين” أمام البرلمان


“صامدي سوار” استثنائي بكل المقاييس عاشته العاصمة الرباط مساء أمس
السبت، عقب مسلسل مفاوضات وكر وفر بين الأساتذة المتعاقدين وقوات الأمن، من
أجل رفع اعتصام ممتد على طول شارع محمد الخامس نصبه الأساتذة منذ العاشرة
مساء، قبل أن ينتهي واقعه بالتشتيت التام بعد تدخل أمني بواسطة السيارات
دافعة المياه والهراوات.


الاعتصام،
الذي امتد من الساعة العاشرة ليلا إلى غاية الثانية والنصف صباحا، سبقته
مسيرة بالشموع خاضها الأساتذة المتعاقدون انطلقت من أمام مقر وزارة التربية
الوطنية، ومرت على ساحة باب الأحد، رافعة شعارات متعددة بمختلف اللغات،
تطالب الحكومة بالتراجع عن نظام التوظيف بالتعاقد والادماج في أسلاك
الوظيفة العمومية.
19.00: زحف الوزرات البيضاء
الساعة
تشير إلى الساعة السابعة مساء، كل جنبات الشوارع الرئيسية للعاصمة الرباط
تعج بالأساتذة الذين قدموا من مختلف مناطق المغرب من أجل تلبية نداء
“التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”، لخوض مسيرة
احتجاجية ليلية تنطلق من أمام وزارة التربية الوطنية وتمهد لاعتصام ضخم
أمام مبنى البرلمان.


المسيرة،
التي زينتها الشموع بشكل لافت، رفعت شعارا واحدا “المدرسة العمومية وإلغاء
التعاقد”. وردد المحتجون، الذين رافقتهم شارات حمراء، خلال المسيرة
شعارات؛ من قبيل: “إمشي فحالو إمشي فحالو .. العثماني وأمزازي”، “شكون حنا
ولاد الشعب ..شنو بغينا .. إسقاط التعاقد”، و”علاش جينا واحتجينا الإدماج
لي بغينا”.
22.00: انطلاق الاعتصام أمام البرلمان
بشعارات
حتمت على كل مار من شارع محمد الخامس الوقوف من أجل تصوير الحدث، انطلق
معتصم الأساتذة المتعاقدين، بعد أن افترشوا أغطية ولافتات احتجاجية، وبدأ
بعضهم في ترديد أغان ملتزمة، وآخرون شكلوا حلقيات لتعميق النقاش، فيما
انبرى حزام سمي “صمام الأمان”، لتسييج الاعتصام، مبديا استعداده لأي مواجهة
مع قوات الأمن.


بين
الجالس والمستلقي والواقف تنوعت وضعيات الأساتذة الذين بدت عليهم علامات
الإجهاد؛ لكنها كانت كلها ترفض أي تنازل عن المبيت أمام البرلمان، وهو ما
فتح المجال لاستقدام الأمن نحو مقدمة شارع محمد الخامس، وهو ما قابله
المعتصمون بشعارات قوية مثل: “يا المخزن يا الحكار .. هادي الرباط ماشي
سبتة”.
22.30: التحاق رجال الأمن
الشرطة
والقوات المساعدة كانت هي الحاجز الأساسي لفض الاعتصام على المستوى
البشري. أما في العتاد فقد عاينت هسبريس قاذفتين للماء، و25 سيارة أمن
كبيرة “سطافيط”، تحاصر شارع محمد الخامس في استعداد تام لفض معتصم
الأساتذة، في حالة لم يستجيبوا لطلبات مصالح الأمن التي رفضت رفضا مطلقا
خطوة الإقدام المبيت بالشارع.


المسيرة
والاعتصام الضخم جاءا كذلك برجال أمن من الرتب العالية، يتقدمهم والي أمن
الرباط سلا القنيطرة، وغيره من الأمنيين الذين حاولوا إقناع أعضاء
التنسيقية برفع الاعتصام دون اللجوء إلى التدخل الأمني العنيف في حقهم.
23.00 – 02.15 مفاوضات ماراطونية
عاينت
هسبريس ما يقرب 7 مرات تفاوضت فيها مصالح الأمن مع ممثلي الأساتذة
المعتصمين؛ لكن المحاولات لم تسفر عن إقناع المحتجين الذين أصروا على السير
قدما في تنفيذ الاعتصام. وقد احتد النقاش حول فكرة رفع المعتصم، فالولاية
اتجهت نحو تسهيل جميع سبل رفع الاعتصام بمنح وسائل النقل والحافلات
للأساتذة، فضلا عن فتح إمكانية مكوثهم داخل قاعات عمومية؛ وهو ما رفضه
المتعاقدون بتشبثهم التام بالمبيت أمام البرلمان المغربي.


وحسب
مصدر أمني، فرفض التدخل الأمني في البداية يعود إلى صعوبة اختراق الأساتذة
المعتصمين، بسبب كثرتهم وازدحامهم؛ وهو ما قد يخلف إصابات خطيرة أو حالات
وفاة، وهذا لن يكون في صالح أحد، قبل أن تأتي ساحة الحسم على الساعة 02.20
دقيقة صباحا، حيث أخبر الأساتذة مصالح الأمن برفضهم التام رفع شكلهم
النضالي.
02.30 التدخل الأمني
عبر
إعلان رسمي، طالبت الشرطة الأساتذة برفع اعتصامهم؛ وهو ما قابله الأساتذة
بموجة صفير هستيري، فجر غضب الجميع لتنطلق عملية فض الاعتصام، بتقدم رجال
الشرطة والقوات المساعدة والسيارات القاذفة للماء، وهو ما خلف إصابات في
صفوف الأساتذة، حيث تابعت هسبريس سقوط بعضهم على الأرض متألما من الضربات
أو قوة المياه، فيما انهارت العديد من الأستاذات بكاء من هول سيارات
الشرطة.


وشاهدت
هسبريس مسحا تاما لشارع محمد الخامس قامت به قوات الأمن عبر الدفع والركل
والضرب، فيما تقدم بعض الأساتذة مسلمين أنفسهم لقاذفات المياه؛ وهو ما
عرضهم لإصابات نتيجة الانزلاق أو قوة الضربة. أما البعض الآخر فقد اختار
الفرار أو الانزواء، لكن الشرطة عملت على التفرقة التامة للأساتذة لضمان
عدم عودتهم إلى المعتصم.
03.00 مطاردات “سينمائية”
فيما
يشبه مطاردات سينمائية لم تشهد لها الرباط مثيلا، تفرّق الأساتذة عبر
شوارع محمد الخامس وعلال بن عبد الله بالعاصمة الرباط؛ وهو ما دفع الشرطة
إلى الاستعانة بـ”قوات التدخل السريع”، والدراجات النارية قصد مطاردة
المحتجين، الذين أعلنوا عزمهم مجددا على التوجه نحو وزارة التربية الوطنية،
رافعين شعارات قوية، جعلت كل من في المنازل يخرج إلى الشرفات.


ولم
تستطع قوات الشرطة وقف تكتلات بشرية تتراوح بين 100 إلى 150 فردا من
اختراقها والمضي صوب وزارة التربية الوطنية؛ فيما اختارت أغلبية الأساتذة
النوم في العراء، بعد أن افترشوا أغطيتهم وتوسدوا أياديهم، غير آبهين
بسيارات ودراجات الأمن المارة بجوارهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى