زلزل عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، الأرض تحت أقدام رؤساء جماعات
ترابية (مجالس الجهة، ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس المدن والمقاطعات
والجماعات المحلية)، مهددا بإسقاط مشاريع الميزانيات غير المتضمنة لمجموع
النفقات الإجبارية، خصوصا الأحكام القضائية، التي سبق لجلالة الملك أن أشار
إليها في خطاب سابق.
وحث لفتيت، في مذكرة جديدة موجهة إلى الولاة وعمال المقاطعات وعمال
الأقاليم، على المراقبة الجيدة لإعداد الميزانيات (في
إطار الصلاحيات
القانونية المخولة لهم) ومرافقة رؤساء الجماعات في إعداد وثائق المحاسبات
وإنعاش المداخيل التي تشهد عجزا كبيرا، تضطر الدولة لملئه بدفعات من
الميزانية العامة.
وتتدخل وزارة الداخلية، على نحو دوري، لتحذير بعض الرؤساء من مغبة
التهرب من أداء نفقات تقع تحت بند الإجبارية وفيها التزامات نهائية مع
أطراف أخرى، كما تتضمن الوفاء بديون عن قروض داخلية أو خارجية، أو متأخرات،
أو الوفاء بالتزامات ناتجة عن اتفاقيات وعقود مع شركات خاصة أو مفوض لها،
أو شركاء، أو أداء مستحقات الماء والكهرباء والهاتف والأنترنيت.
وتقع الأحكام القضائية، الصادرة في حق الجماعات الترابية، في قائمة
الالتزامات التي يرفض بعض الرؤساء الوفاء بها، أو تخصيص جزء ضئيل من
الميزانية لها، رغم أن الأمر يتعلق بحقوق خالصة للأغيار (مواطنين ومؤسسات،
أو شركات)، سبق أن رفعوا قضايا ضد الدولة (الجماعات)، وصدرت لفائدتهم
قرارات نهائية بالتعويض المالي.
وألزم وزير الداخلية، في المذكرة نفسها، رؤساء الجماعات بربط المسؤولية
بالمحاسبة في حق الموظفين والأطر الذين تسببوا في أخطاء ترتبت عنها محاكمات
ومتابعات وأحكام قضائية، خصوصا في القضايا والملفات المشار إليها من قبل
المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للإدارة الترابية).
وراكمت أحكام وقرارات قضائية غير منفذة ديونا بقيمة 260 مليارا (2.6
ملايير درهم) بذمة الجماعات الترابية، التي تتخبط في 6999 قضية رائجة في
ردهات المحاكم الإدارية، في الوقت الذي وصل عدد الملفات المفتوحة للتنفيذ
في مواجهة الجماعات 1268 ملفا، بمبلغ 150 مليارا، تهم قضايا أداء ديون
واعتداء مادي ونزع ملكية، وكذا صفقات عمومية ومسؤولية إدارية.
وتكلف الأحكام القضائية جماعة البيضاء، على سبيل المثال، حوالي 6 ملايير
و300 مليون سنويا، صرف منها في 2018 وحدها 5 ملايير و570 مليونا، ما يناهز
3 في المائة في الميزانية العامة للتسيير.
ويصل عدد الملفات القضائية المحكوم فيها لفائدة الأغيار (أشخاص، أو مؤسسات،
أو شركات، أو قطاعات حكومية..) ضد الجماعة إلى أكثر من 4200 ملف، أغلبها
موروث عن الولايات الجماعية السابقة، وناتج عن طريقة سابقة في التدبير
تداخلت فيها الاختصاصات.
وتتجاوز مجموع المبالغ المستحقة للمتقاضين في المحاكم الإدارية سقف 65
مليار سنتيم، إذ تبرمج الجماعة، كل سنة ضمن الالتزامات الإجبارية، قسطا من
الميزانية لتغطية جزء من تنفيذ الملفات الصادرة في شأنها أحكام نهائية.
الصباح