تظل التجربة البريطانية فريدة من نوعها في مجال تنظيم المعارضة
البرلمانية، في مقابل ذلك لم تحض المعارضة البرلمانية بالاهتمام المبكر من
لدن الباحثين في القانون الدستوري والعلوم السياسية مثلما اهتموا بالأغلبية
البرلمانية وبالمؤسسة الحكومية.
وأمام هذا الفراغ التنظيري، بادرت
الأنظمة الداخلية للبرلمانات إلى وضع الضوابط التدبيرية للتنافس بين
الأغلبية والمعارضة في البرلمان ومن ثم إيلاء المعارضة بعض العناية؛ لكن
هذه الأخيرة تزايدت بشكل مطرد حتى أفرزت ما يسمى اليوم بـ”القانون
البرلماني”.
وأمام الصعوبات المختلفة في ضبط مفهوم المعارضة
البرلمانية في جوهره، تم التركيز، لأسباب عملية، على المعيار المؤسساتي
والسياسي لتعريف المعارضة البرلمانية؛ فقد عرفها كثير من الباحثين بكونها
مجموع الفرق والمجموعات البرلمانية التي لا تؤيد الحكومة في سياستها العامة
ولا تنسجم مع الأغلبية البرلمانية المدعمة لها. فتنافسهما معا بواسطة
تصويتها وتصوراتها وتصريحاتها، وآرائها وتقدم عروضا سياسية بديلة عنها.
وبخصوص
المغرب، فإن المعارضة البرلمانية ظهرت مع ميلاد الحياة البرلمانية مباشرة
بعد الاستقلال والمملكة في صلب مخاضات الحرب الباردة، حيث كانت هناك معارضة
سياسية قبل أن تصبح معارضة برلمانية. وبالرغم من وجودها المستمر بالبرلمان
عقب أول دستور لسنة 1962، فإنها تميزت بمقاطعتها بعض من مكوناتها
لمراجعاته في سنوات 1970 و1972 و1992. ولم تغير من موقفها السياسي إلا
بمناسبة المراجعة الدستورية لسنة 1996، حيث صوتت عليها، ولأول مرة في
التاريخ السياسي المغربي، جميع القوى السياسية الحية في البلاد. فأعقبها
“تناوب توافقي” وصلت بمقتضاه المعارضة آنذاك إلى سدة الحكومة سنة 1998.
وهكذا،
عاشت المعارضة البرلمانية خلال هذه الفترة الطويلة كـ”واقع قانوني”، إلا
أن هذا الواقع القانوني لم يمنع الأنظمة الداخلية للبرلمان من إعطائها
صلاحيات سياسية مهمة؛ لكنها بالرغم من ذلك لم ترق إلى “كائن قانوني”
و”مؤسسة دستورية”.
وفي هذا السياق العام الذي عرفته المعارضة
بالمغرب، والتي تحولت من معارضة نظام الحكم إلى معارضة الحكومة بعد خيار
النضال الديمقراطي الذي صاغته وثيقة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية إبان
المؤتمر الاستثنائي، والابتعاد عن الخيار الثوري كما كتب المهدي بن بركة،
وبعد مرور ما يربو عن 40 سنة، يتقدم الفريق البرلماني لحزب الأصالة
والمعاصرة بمجلس النواب، برئاسة محمد اشرورو، بمقترح قانون تنظيمي يتعلق
بمكانة وحقوق المعارضة البرلمانية وكيفية ممارستها في العمل البرلماني
والحياة السياسية.
وجاء في تقديم مقترح، “المعارضة البرلمانية” الذي
تقدم به فريق “البام” بمجلس النواب في بحر الأسبوع الجاري، أن مفهوم
المعارضة البرلمانية ظل “يرتبط بنيويا بالديمقراطية التمثيلية، وهو مؤسس
على الاعتراف المتبادل بين الأغلبية والحكومة المنبثقة عنها وبين المعارضة
البرلمانية”.
واعتبر فريق “البام” بالغرفة الأولى، في مقترح قانون
تنظيمي يتعلق بمكانة وحقوق المعارضة البرلمانية وكيفية ممارستها في العمل
البرلماني والحياة السياسية، بأن المعارضة تعترف بحق الأغلبية في التشريع
والتنفيذ، والأغلبية تعترف بحق المعارضة في النقد والمراقبة وتقديم البديل.
لذا، لا يتصور خارج أنظمة الديمقراطية التمثيلية والفصل بين السلط واحترام
الحقوق والحريات الأساسية والتناوب على السلطة بواسطة نتائج صناديق
الاقتراع التشريعي”، تقول الوثيقة.
ورجوعا إلى دستور فاتح يوليوز
2011، فإن الوثيقة الدستورية منحت مكانة للمعارضة البرلمانية حيث ينص الفصل
60 منه على أن “المعارضة مكون أساسي في المجلسين، وتشارك في وظيفتي
التشريع والمراقبة، طبقا لما هو منصوص عليه”.
ولهذا، يرى الفريق
البرلماني أنه بعد سبع سنوات من حياة دستور فاتح يوليوز 2011 “لم تبادر
الحكومة ولا الأغلبية البرلمانية ولا المعارضة نفسها إلى تقديم مشروع قانون
تنظيمي أو مشروع قانون أو مقترح قانون يبين كيفية ممارسة المعارضة
البرلمانية لحقوقها الدستورية في مجال العمل البرلماني والحياة السياسية”.
والسبب
يؤول، حسب الوثيقة التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، إلى “رغبة الكثير من
الأطراف تلافي تزايد قوة وضغط المعارضة البرلمانية على الحكومة وعلى
الأغلبية المدعمة لها”.
وبناء على ما تقدم، برر فريق “البام” بمجلس
النواب، بالنظر إلى كونه أكبر فريق في المعارضة البرلمانية، الإقدام على
هذه المبادرة التشريعية لسباب تتمثل في “تحمل المسؤولية السياسية
والتشريعية في البرلمان”. وبالإضافة إلى “استثمار الرصيد البرلماني في
المعارضة منذ تأسيس حزبنا وفريقينا بمجلس النواب ومجلس المستشارين سنة 2008
إلى اليوم لتفعيل الخيار الديمقراطي، الذي لا رجعة فيه، في مختلف أبعاده
البرلمانية والسياسية، ومنها المساهمة المتميزة في مأسسة المعارضة
البرلمانية في بلادنا وتحديد كيفية ممارستها لحقوقها الدستورية”، كما جاء
في الوثيقة.
كما يسعى الفريق، من خلال مقترح القانون، “المساهمة
الفعلية في تطوير الآليات الكفيلة بمعالجة اختلال التوازن على مستوى
الممارسة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وكذلك بين الحكومة
وأغلبيتها وبين المعارضة البرلمانية”.
وأكبر مؤشر على الاختلال
المذكور، تضيف الوثيقة، يتعلق بـ”هيمنة الحكومة على العملية التشريعية
والرقابية وضعف تجاوبها مع الأسئلة الكتابية ومع استدعاءات اللجن الدائمة
لها وشبه تجميدها لآلية المراقبة المعروفة بـ”الإحاطة” أو” التحدث في موضوع
عام وطارئ”، ناهيك عن “الارتفاع المضطرد لدرجة الاحتقان الاجتماعي وانتشار
الاحتجاج والنقاش في الشارع بدل تمركزه تحت قبة البرلمان وبين ممثلي
الأمة”.
البرلمانية، في مقابل ذلك لم تحض المعارضة البرلمانية بالاهتمام المبكر من
لدن الباحثين في القانون الدستوري والعلوم السياسية مثلما اهتموا بالأغلبية
البرلمانية وبالمؤسسة الحكومية.
وأمام هذا الفراغ التنظيري، بادرت
الأنظمة الداخلية للبرلمانات إلى وضع الضوابط التدبيرية للتنافس بين
الأغلبية والمعارضة في البرلمان ومن ثم إيلاء المعارضة بعض العناية؛ لكن
هذه الأخيرة تزايدت بشكل مطرد حتى أفرزت ما يسمى اليوم بـ”القانون
البرلماني”.
وأمام الصعوبات المختلفة في ضبط مفهوم المعارضة
البرلمانية في جوهره، تم التركيز، لأسباب عملية، على المعيار المؤسساتي
والسياسي لتعريف المعارضة البرلمانية؛ فقد عرفها كثير من الباحثين بكونها
مجموع الفرق والمجموعات البرلمانية التي لا تؤيد الحكومة في سياستها العامة
ولا تنسجم مع الأغلبية البرلمانية المدعمة لها. فتنافسهما معا بواسطة
تصويتها وتصوراتها وتصريحاتها، وآرائها وتقدم عروضا سياسية بديلة عنها.
وبخصوص
المغرب، فإن المعارضة البرلمانية ظهرت مع ميلاد الحياة البرلمانية مباشرة
بعد الاستقلال والمملكة في صلب مخاضات الحرب الباردة، حيث كانت هناك معارضة
سياسية قبل أن تصبح معارضة برلمانية. وبالرغم من وجودها المستمر بالبرلمان
عقب أول دستور لسنة 1962، فإنها تميزت بمقاطعتها بعض من مكوناتها
لمراجعاته في سنوات 1970 و1972 و1992. ولم تغير من موقفها السياسي إلا
بمناسبة المراجعة الدستورية لسنة 1996، حيث صوتت عليها، ولأول مرة في
التاريخ السياسي المغربي، جميع القوى السياسية الحية في البلاد. فأعقبها
“تناوب توافقي” وصلت بمقتضاه المعارضة آنذاك إلى سدة الحكومة سنة 1998.
وهكذا،
عاشت المعارضة البرلمانية خلال هذه الفترة الطويلة كـ”واقع قانوني”، إلا
أن هذا الواقع القانوني لم يمنع الأنظمة الداخلية للبرلمان من إعطائها
صلاحيات سياسية مهمة؛ لكنها بالرغم من ذلك لم ترق إلى “كائن قانوني”
و”مؤسسة دستورية”.
وفي هذا السياق العام الذي عرفته المعارضة
بالمغرب، والتي تحولت من معارضة نظام الحكم إلى معارضة الحكومة بعد خيار
النضال الديمقراطي الذي صاغته وثيقة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية إبان
المؤتمر الاستثنائي، والابتعاد عن الخيار الثوري كما كتب المهدي بن بركة،
وبعد مرور ما يربو عن 40 سنة، يتقدم الفريق البرلماني لحزب الأصالة
والمعاصرة بمجلس النواب، برئاسة محمد اشرورو، بمقترح قانون تنظيمي يتعلق
بمكانة وحقوق المعارضة البرلمانية وكيفية ممارستها في العمل البرلماني
والحياة السياسية.
وجاء في تقديم مقترح، “المعارضة البرلمانية” الذي
تقدم به فريق “البام” بمجلس النواب في بحر الأسبوع الجاري، أن مفهوم
المعارضة البرلمانية ظل “يرتبط بنيويا بالديمقراطية التمثيلية، وهو مؤسس
على الاعتراف المتبادل بين الأغلبية والحكومة المنبثقة عنها وبين المعارضة
البرلمانية”.
واعتبر فريق “البام” بالغرفة الأولى، في مقترح قانون
تنظيمي يتعلق بمكانة وحقوق المعارضة البرلمانية وكيفية ممارستها في العمل
البرلماني والحياة السياسية، بأن المعارضة تعترف بحق الأغلبية في التشريع
والتنفيذ، والأغلبية تعترف بحق المعارضة في النقد والمراقبة وتقديم البديل.
لذا، لا يتصور خارج أنظمة الديمقراطية التمثيلية والفصل بين السلط واحترام
الحقوق والحريات الأساسية والتناوب على السلطة بواسطة نتائج صناديق
الاقتراع التشريعي”، تقول الوثيقة.
ورجوعا إلى دستور فاتح يوليوز
2011، فإن الوثيقة الدستورية منحت مكانة للمعارضة البرلمانية حيث ينص الفصل
60 منه على أن “المعارضة مكون أساسي في المجلسين، وتشارك في وظيفتي
التشريع والمراقبة، طبقا لما هو منصوص عليه”.
ولهذا، يرى الفريق
البرلماني أنه بعد سبع سنوات من حياة دستور فاتح يوليوز 2011 “لم تبادر
الحكومة ولا الأغلبية البرلمانية ولا المعارضة نفسها إلى تقديم مشروع قانون
تنظيمي أو مشروع قانون أو مقترح قانون يبين كيفية ممارسة المعارضة
البرلمانية لحقوقها الدستورية في مجال العمل البرلماني والحياة السياسية”.
والسبب
يؤول، حسب الوثيقة التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، إلى “رغبة الكثير من
الأطراف تلافي تزايد قوة وضغط المعارضة البرلمانية على الحكومة وعلى
الأغلبية المدعمة لها”.
وبناء على ما تقدم، برر فريق “البام” بمجلس
النواب، بالنظر إلى كونه أكبر فريق في المعارضة البرلمانية، الإقدام على
هذه المبادرة التشريعية لسباب تتمثل في “تحمل المسؤولية السياسية
والتشريعية في البرلمان”. وبالإضافة إلى “استثمار الرصيد البرلماني في
المعارضة منذ تأسيس حزبنا وفريقينا بمجلس النواب ومجلس المستشارين سنة 2008
إلى اليوم لتفعيل الخيار الديمقراطي، الذي لا رجعة فيه، في مختلف أبعاده
البرلمانية والسياسية، ومنها المساهمة المتميزة في مأسسة المعارضة
البرلمانية في بلادنا وتحديد كيفية ممارستها لحقوقها الدستورية”، كما جاء
في الوثيقة.
كما يسعى الفريق، من خلال مقترح القانون، “المساهمة
الفعلية في تطوير الآليات الكفيلة بمعالجة اختلال التوازن على مستوى
الممارسة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وكذلك بين الحكومة
وأغلبيتها وبين المعارضة البرلمانية”.
وأكبر مؤشر على الاختلال
المذكور، تضيف الوثيقة، يتعلق بـ”هيمنة الحكومة على العملية التشريعية
والرقابية وضعف تجاوبها مع الأسئلة الكتابية ومع استدعاءات اللجن الدائمة
لها وشبه تجميدها لآلية المراقبة المعروفة بـ”الإحاطة” أو” التحدث في موضوع
عام وطارئ”، ناهيك عن “الارتفاع المضطرد لدرجة الاحتقان الاجتماعي وانتشار
الاحتجاج والنقاش في الشارع بدل تمركزه تحت قبة البرلمان وبين ممثلي
الأمة”.
ويسعى الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة، من خلال
هذه الوثيقة، إلى “استكمال تفعيل مقتضيات الدستور المتعلقة بمكانة وبمهام
المعارضة البرلمانية وبحقوقها في مجال العمل البرلماني والحياة السياسية
للرفع من المردودية الديمقراطية للدستور الجديد” وأيضا “ملء الفراغ
التشريعي الخاص بتحديد كيفية ممارسة المعارضة البرلمانية للحقوق التي خصها
بها الدستور لكونها تستوعب المعايير الديمقراطية الكونية بشأن وضع النظم
القانونية للمعارضة البرلمانية كمؤشر على انفتاح دستورنا على العالم
الديمقراطي الحر”، كما جاء في وثيقة مقترح قانون لتنظيم المعارضة بمجلس
النواب.