اكتشفت من خلال نقاش بمنصة التواصل الاجتماعي”فايسبوك” لملف
ظاهرة الكلاب الضالة باكادير، والتي غزت الأحياء والشوارع الرئيسية
والشاطئ، وصارت تشوه الهوية البصرية لجوهرة المحيط، اكادير، بل ترهب وترعب
الأطفال والنساء والمصلين والسياح.
اكتشفت بأن مستوى النقاش وطبيعته وتفاعلات بعض الأشخاص مع تدوينات
الآخر ، لا يتماشى حتى مع جهرهم للدفاع عن حقوق الحيوان وحمايتهم لها
ومحاربة كل من سولت نفسه أن يستنكر لعدم وجود حل جذري كالإيواء. وسجلت جميع
ردودهم نزوعهم الى احتقار جميع معاني الاحترام والأخلاق وحق الاختلاف
وقبول الرأي والرأي الآخر ومقارعة الحجة بالحجة.
وتبين لي بأن أغلب هؤلاء لا يحترمون حتى حقوق الانسان، كالحق في
الحياة، إذ دعت شابة في تفاعلها إلى قتل كل من يطالب بالتخلص من الكلاب
الضالة. بل، لا يحترمون الحق في الاختلاف، إذ يتم شخصنة الحوار(على شاكلة
ولاد الحومة)،( وانصر أخاك ظالما أو مضلوما)، ونقل النقاش من لغة الحوار
وتبادل الراي، إلى حوار العنف والسب والشتم والنعت بالاوصاف القدحية،
والذهاب بعيدا حتى حد التهديد وو..وتبين بأن البعض لا يؤمنون حتى بالمساواة
والرأي والرأي الآخر ، وحق الأغلبية والاقلية في الإدلاء بالرأي.
وتفجرت بداخلي أسئلة محرقة حول الوعي الديموقراطي وحقوق الإنسان وادبيات الحوار الحضاري…
– كيف لشخص ما، لا يلم بالمبادئ والقيم الكونية لحقوق الإنسان، أن
ينصب نفسه مدافعا عن حقوق الحيوان، لان الدفاع عن الحقوق البشرية والبيئة
والاقتصادية والاجتماعية والحيوانية، تقتضي الاحترام اولا!
– كيف لشخص ما أن يدافع عن الكلب ويدعو لقتل الإنسان؟
– لماذا يخرج شخص ما يساند انتشار الكلاب بالمدينة ، لينفث عداءاته لأشخاص عبروا فقط عن رايهم، وجاءت تفاعلاته اكثر عدوانية؟؟
– كيف لشخص أن يصف آخر بالحمق والهبل وجميع صنوف النجريح وووو أن يدافع عن الحيوان؟
– كيف ينصب البعض نفسه مدافعا عن الحيوان وهو لا يحترم حتى حق الإنسان في ايداء الرأي؟؟
وخلصت بأن الأمر ربما يتعلق بحقوق اخرى، وإنما بحقوق غير معبر عنها، ولا علم لعامة القوم بها.
وتأسفت لاندحار العبارة الشهيرة لسنة 1906: «سيدي إني أستهجن ما
تقوله، لكني سأدافع حتى الموت عن حقك في التعبير عن رأيك»، للكاتبة
الإنجليزية إيفلين بياتريس هول (1868 – 1956) في كتابها «أصدقاء فولتير» ،
إذ صارت رمزاً لحرية التعبير بوصفها حقا مقدسا. تذكرت بالمناسبة، ما حدث في
غزة، بعد أن نادت جمعيات حقوق الحيوان بضرورة ترحيل الحيوانات عن عزة التي
كان أطفالها ونساؤها وشيوخها يموتون تحت نيران اسرائيل، لأن المدينة لم
تعد صالحة لحياة الحيوانات، ولم يطالبوا بوقف العدوان، مما أعطي انطباعا
بأن الحيوانات أصبحت أهم من الإنسان. وتساءلت آنذاك الحقوقية كايسا إيكمان
“إذا كان الأمر كذلك بالنسبة إلى الحيوانات! فكيف سيكون العيش بالنسبة إلى
الناس الذين يعيشون أوضاعا مأساوية في غزة؟“.
وانتقدت إيكمان تحرك مؤسسات عالمية لإجلاء حديقة الحيوانات الوحيدة
في قطاع غزة بسبب صعوبات الحياة تحت الحصار. وتولت منظمة “فور بوز” عملية
إخلاء الحيوانات، وقالت إنه كان من الأولى والأجدر للمنظمة الانحياز إلى
كرامة الإنسان في غزة، واستغلال عملية نقل الحيوانات لإبراز معاناة الإنسان
في القطاع جراء الحصار. وخلص آنذاك الحقيقيون إلى أن المتحمسين لحقوق
الحيوان هم جماعة”حيوانيون”أكثر من اللازم، فهل جعلهم الحيوان وكلاء حصريين
أمام المحاكم، وناطقين رسميين باسمه، ومدافعين عن حقوقه؟