رأيسلايد

منطقة رأس الواد الكبرى: أرض مِخْصَاب …منبع مِدْرَار …ومطلب ملحاح..!


  برحيل بريس ..بقلم – عبدالكريم أضرضور

هلا
تساءل الواحد منا؟ عما أصاب منطقة رأس الواد الكبرى؟ ممارسات تركن الى
مبدأ الإنتفاع والممالأة، تلهث وراء مطمحها ومبتغاها، حاجيات عديدة ملحة..!
عالقة الاستجابة..! توالت السنين وكل يوم تسطع فيه الشمس، يَأْفُلُ نجم
سماء رأس الواد الكبرى، آمال تتبخر، ونفوس تتذلل، قناعات مغرقة في تبسيطية
وابتذالية، تعاكس كل طاقة نقدية، وَتُخْضِعُ مسَاعيهَا لِتَمْتَثِلَ إلى
ضياع اجتراري، رتابة تكرس أشكال التثاقل في مؤسساتها المدنية والتمثيلية،
معززة سلطة التقاليد المهترئة والعادات الجائرة التي تجاوزت أعرافا منصفة
..ولعل أكثرها كابحة لكل تغيير محتمل، نمطية توزيع أراضيها وكيفية تدبير
ثرواتها المائية، موانع حالت دون نهوضها من كبوتها والقيام من عثرتها .!

فما
المقصود إذن بمنطقة رأس الواد الكبرى؟ وردت تسمية رأس الواد في مصادر
محدودة ووثائق عرفية بالامازيغية والعربية على حد سواء تارة بمسمى “أيكي
واسيف ن سوس”وأخرى ب “تصدرت ن سوس”وجاءت “إيمي ن واسيف” كما ذكرت رأس الواد
الصغرى ويقصد بها مجال أولوز، أما الكبرى فهي  منبع شريان سوس المتدفق،
وجوهر قلبه النابض، يحدها غربا الشريط الاخضر لارزان وواحات توغمرت ويتألف
ديرها جنوبا: من الاراضي الشاسعة للمهارة وروابي تنزرت وشعاب اكودار
لمنابهة والغابات الكثيفة باشجار اركان  بالفايض وتترصف سهولها الوسطى من
ضيعات ممتدة من اولاد عيسى منبسطة ذراعيها على إكلي وملقات فسيحة لأولاد
برحيل وفي أفق الشمال تتدلل هضاب اداوكيلال وتسمو جبال سيدي عبدالله اوسعيد
مجاورة قمم تكوكة المحدبة والتلال الجرز بتالكجونت المشرفة على سهول كثيفة
ووديان تافنكولت، ومن الشمال الشرقي فجاج خلابة بتيزي نتاست الملتوية
العالية وَأَكِنَّةِ اوناين الشديدة الإنحدار، وتتنوع تضاريسها شرقا من
التلاع الممتدة من سيدي واعزيز الى السهول الخصبة لاداوكماض المتضرعة أكفها
تحت رحمة سد اولوز وفيافي تسراس  والجبال الشاهقات بهوزيوة والشامخات
بتفنوت الى ذروة توبقال ذات الهمم، مجال طبيعي ببساط نباتي متنوع وأرصدة
تضاريسية، منبع يغدي وديانا  تغني روافد وادي سوس، ثنين الوديان وعظيمها.

لغرض
في نهج المحتل، لم يزعزع المستعمر البنية التقليدية للفلاحة، ولم يمسسها
بسوء في الجنوب و منطقة رأس الواد الكبرى على حد سواء، بل عمد الى تقوية
علاقاتها الإنتاجية معززا إياها بنظام الخماسة وحتى وسائل الإنتاج لم
يَرُمِ تطويرها حِقْبَتَئِذٍ ولم تعرف مردوديتها تغييرا، في الوقت ذاته جعل
من الأراضي الخصبة التي نهبها ميدان فلاحة عصرية حققت له إنتاجا مرتفعا،
أولى ارهاصاته لمأسسة التمليك ونظام المحافظة العقارية، بعد الاستقلال برزت
فئة من فلاحين مغاربة، اولى طبقات الملاكين الكبار، انضوت تحت لواء
الاتحاد المغربي للفلاحة، انفردت مبكرا بالارض واستغلالها، عامل من كثيرة،
نقضت العدالة الزراعية وخالفت كل توزيع عادل بين مختلف القبائل، وضع مجالي
استقوى بإرث ثقيل في تصنيف بنيوي للأرض، بعد تجاوز العرف الزراعي والتخلي
عن أساليبه، نجم عنه جعل جزء غير يسير من الارض بيد الدولة وهو الملك
العمومي التابع لها، وأخر صنف ضمن اراضي الْكِيِشْ يمنحها المخزن لابناء
القبائل للانتفاع مقابل الخدمة العسكرية، وهو نوع يكاد أو يغيب عن منطقة
راس الواد الكبرى، في حين أن المنطقة غنية باراضي الاحباس ممتلكات تخلى
عنها اصحابها للغير افراد وجماعات وهي غير قابلة للتفويت ومنها نوعان:
احباس عمومية لفائدة مؤسسات دينية وخيرية وأحباس خاصة وارثوها هم وحدهم
يتمتعون بحق الانتفاع، أما الاراضي الجماعية فهي عبارة عن مراع لمواشي
الجماعات السلالية، أراضي زراعية غير قابلة للتقادم، ولا للبيع، في الآونة
الاخيرة شهدت قوانينها المنظمة تعديلا، رغم إنصافها للمرأة، فقد أتى
متأخرا، يوزع حق الانتفاع بين ذوي الحقوق من طرف نواب منتخبين تبعا للأعراف
والعادات وتعليمات الوصاية..! وتبقى الحصة العظمى من أراضي رأس الواد
الكبرى تحت وصاية المندوبية السامية للمياه والغابات، يسمح قانونها
بالانتفاع من ثمار شجرة أركان لذوي الحقوق، بيد أنه مجال يحاصر مزارع
وبساتين اهالي القرى مما عاق تجديد أساليب الزراعة ونموها .

ان
التنمية الزراعية بمجال رأس الواد الكبرى لا ينبغي ان تقارب من منظور تقني
فحسب وإنما المجال يرزأ تحت ثقل معطيات معقدة؛ ظاهرها اعظم وباطنها أشد،
ووزر الموروث أكبر، وبشكل جدلي فالتنمية ترتبط بواقع الموارد الطبيعية،
ويبقى مطلب إعادة هيكلة البنى الأرضية مسعى ضروريا، وتحديث الموارد المائية
مبتغى حتميا لأمن غدائي يضمن العيش المستقر في بيئة سليمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى