كشف قرار الحكومة توسيع رسم الشاشة، الذي كان يؤدى على الإعلان التجاري
في التلفزيون، إلى الصحافة الإلكترونية عن تواطؤ “مفضوح” للحكومة ممثلة في
وزارة الاقتصاد والمالية وفريق الأصالة والمعاصرة الذي ينتمي إلى المعارضة
بهدف “توجيه ضربة موجعة للصحافة الإلكترونية”.
القرار اعتبر أن
الهواتف والحواسيب وغيرها شاشات، وأن على الناشر أن يؤدي 5 من المائة من
مجموع مداخيله الإعلانية كل شهر لإدارة الضرائب قبل حتى أن يستخلص ثمن
الإعلان من المعلن.
ويرتقب أن تصدر وزارة الاقتصاد والمالية، حسب
مصدر من داخل مديرية الضرائب، مذكرة في الموضوع، تؤكد فيه أن ما جاء في
قانون المالية يتعلق بواجب التمبر على الشاشة المحدد في 5 في المائة والذي
كان يؤديه المستشهرون، وتم تحويل الأمر إلى الشركات التي تقوم بالإشهار
وضمنها المواقع الالكترونية.
وحسب معطيات حصلت عليها هسبريس من مصدر
داخل مديرية الضرائب، فإن هذه الضريبة تؤدى مثل الضريبة على القيمة
المضافة، وستحتسب على المستشهر ضمن الفواتير، معلنة أن التصريح بها سيكون
شهريا لدى المديرية.
وتعود تفاصيل الملف “الفضيحة”، الذي تورطت فيه
الحكومة ومعها الفريق المعارض الأصالة والمعاصرة، إلى النقاش الذي كان في
لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب حول تعديل المادة الـ183 من
مشروع قانون المالية لسنة 2018 التي تهم التضامن بالنسبة إلى واجبات
التمبر.
وجاء في الصيغة الحكومية ككل سنة بأن التضامن بالنسبة إلى
واجبات التنمبر موجه إلى أصحاب إعلانات الإشهار ومستغلي قاعات العروض
السينمائية أو الهيئات العامة أو الخاصة المكلفة بإدارة أو بيع الفضاءات
الاشهارية على الشاشة، وهو ما لم يكن يشمل المواقع الإلكترونية في السابق.
من
جهة ثانية، نصت المادة الـ251 المكملة للمادة الـ186 من المشروع نفسه، في
الخانة المتعلقة بتصفية الواجبات، على أن يصفى واجب التنمبر على إعلانات
الإشهار على الشاشة، المبلغ الإجمالي للإتاوات أو الفاتورات الذي تقبضه
الهيئات العامة أو الخاصة المكلفة بإدارة أو بيع الفضاءات الاشهارية، رابطا
ذلك “عندما يبث الإعلان على شاشة التلفزيون أو على أي نوع أخر من
الشاشات”، دون أن يحدد الصحافة الإلكترونية.
وخلال النقاش داخل
اللجنة، فاجأ فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، عندما طالب بتغيير
المادة الـ183 من مشروع قانون المالية بهدف “استهداف” الصحافة الإلكترونية،
لتصبح فرض واجبات التمبر بالإضافة إلى ما جاءت به الحكومة لـ”أصحاب
إعلانات الإشهار ومستغلي قاعات العروض السينمائية أو الهيئات العامة أو
الخاصة المكلفة بإدارة أو بيع الفضاءات الإشهارية على الشاشة”، “المواقع
الإلكترونية”.
وخلال هذا الاجتماع الذي أثار فيه فريق “البام” مسألة
تضريب الصحافة الإلكترونية، أعلن محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية،
موافقته على المقترح الذي جاء به الفريق المعارض؛ لكنه أكد في المقابل أن
الصيغة الحكومية تشمل تضريب المواقع الإلكترونية عندما نصت على ضريبة
الشاشة، معتبرا أن الهاتف و”الطالبيت” وغيرها من الحوامل الإلكترونية تعد
شاشات.
وجاءت مبررات فريق “البام” لتضريب الصحافة الإلكترونية
بالنظر إلى أن “الإشهار انتقل بكثافة من شاشة التلفزة إلى الأنترنيت”؛ في
حين سار بوسعيد على النهج نفسه، وأكد أن الحكومة قررت التأكيد أن المواقع
الإلكترونية مشمولة بالضريبة.
وتبعا لذلك، تمسكت الحكومة بالصيغة
التي جاءت بها، والتي تؤكد “أن التضامن بالنسبة لواجبات التمبر يفرض على
أصحاب إعلانات الإشهار ومستغلي قاعات العروض السينمائية أو الهيئات العامة
أو الخاصة المكلفة بإدارة أو بيع الفضاءات الاشهارية على الشاشة”.
وبالرغم
من نفي حزب الأصالة والمعاصرة بأن فريقيه بالبرلمان قد تقدما بتعديل على
مشروع قانون المالية لسنة 2018 يقضي بفرض على الصحافة الإلكترونية، وعبر عن
استغرابه على نسب هذا التعديل إليه؛ فإن التصريحات التي أدلى بها عبد
اللطيف وهبي، البرلماني عن الفريق، لهسبريس تؤكد عكس ما ذهب إليه الحزب في
بلاغ رسمي.
كما سبق لمصدر من داخل فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس
المستشارين أن نفى نفيا قاطع أن يكون الفريق قد قدم أي تعديل لزيادة تضريب
المواقع الإلكترونية، معتبرا في اتصال مع هسبريس أن النسخة التي تسربت إلى
الجريدة لا علاقة لها بالفريق، وأن النسخة النهائية لا تحمل أي تعديل في
هذه المادة.
وفي خضم ذلك، تراجع مستشارو حزب الأصالة والمعاصرة عن
التعديل الغريب الذي أضافه زملاؤهم بمجلس النواب حول مشروع قانون المالية،
والداعي إلى زيادة تضريب المواقع الإلكترونية لما اعتبره العمليات
الإشهارية التي تتم على الأنترنيت.
لكن وهبي أكد تورط فريقه
البرلماني في التعديل، وقال في تصريح لهسبريس إن “التعديل تم من طرف الفريق
بمجلس النواب، وليس من طرف الفريق بمجلس المستشارين حول المادة الـ183 من
مشروع القانون المالية لسنة 2018 الذي أصبح قانونا”، مشيرا إلى أن “النص
الأصلي المتمثل في المادة الـ183 المستندة على المادة الـ251 نصت على ضريبة
التسجيل والتنمبر والتي من ضمنها الضريبة على الشاشة”.
وقال وهبي:
“كان النقاش حولها في اللجنة، وأكد الوزير محمد بوسعيد أن هذه الضريبة من
مشمولاتها المواقع الإلكترونية”، موردا أن فريقه تقدم بتعديل يدعو إلى
التنصيص عليها صراحة في مشروع القانون، وتوضيح الفصل وتم التصويت على هذه
التوضيحات التي قدمها الوزير، من لدن طرف جميع النواب بدون استثناء ولا
اعتراض، وأصبح التعديل للجنة بعدما تبنته.
وخلف تعديل نواب البام
ردود فعل غاضبة من قبل المهنيين، الذي أعلنوا رفضهم لهذا التعديل، خصوصا أن
دعم الدولة للصحافة الرقمية غير موجود، في ظل التحديات الكبرى التي تواجه
المؤسسات الصحافية.
وبالرغم من أن نسبة الإشهار في المجال
الإلكتروني لا تتجاوز 1.8 في المائة، حسب معطيات رسمية للوزارة الوصية على
القطاع، برسم سنة 2015، من مجموع الموارد الإشهارية التي تبلغ 5 مليارات
و478 مليونا و735 ألف درهم؛ فإن الفريق المعارض خرج بتعديل يدعو من خلاله
الحكومة إلى فرض رسوم على المواقع الإلكترونية.
وتحتل اللوحات صدارة
“الكعكة الإشهارية” بحوالي 29.6 في المائة، بزيادة بلغت 16.3 في المائة،
مقارنة بين سنتي 2014 و2015، بما مجموعه مليار و622 مليون درهم؛ في حين
جاءت الإذاعات في المرتبة الثانية بما معدل 27.1 في المائة، متبوعة
بالتلفزيون بـ26.5 في المائة، والصحافة الورقية بـ14.9 في المائة.
عن هسبريس – محمد بلقاسم