بكل صراحة ونحن نحمل بين أناملنا قلما أحمرا ، استوقفنا عند وقوف مداده
وأبى أن يستمر في تدوين ما حصل قبل وبداية الى غاية انتهاء الملك من خطابه
الذي ألقاه بمناسبة افتتاحه للدورة الأولى من السنة التشريعية التانية من
الولاية التشريعية العاشرة ،على أسماع ما يسمون بنواب الأمة والذين لا
يمثلون في حقيقة الأمر سوى أنفسهم ، طبعا الكل كان في ترقب حازم ينظر كل
منهم الى الاخر بنظرة تحمل في طياتها رسائل تعجبية حول ما سيحمله الخطاب ،
عيونهم الخاشعة من الذل تحسب سويعات انتهاء الخطاب الذي ابتدأ في افتتاحية
الحدث الهام
باية قرانية من سورة الأنفال ” وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا
سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) ۞ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ
اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ
اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ
لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ.
طبعا المقتطف القراني كان في محله بل و رسالة واضحة المعالم توحي حول ما
سيتناوله مستهل الخطاب ، وكان يقصد هنا مباشرة أرباب الجلابيب البيضاء
الواضعي القبعة الحمراء ، الجالسون كذلك فوق الكراسي الحمراء داخل حلبة
السيرك السياسي كما أسماه سالفا الملك الراحل الحسن التاني ، اسم نكاية عن
ما يحتويه من خليط غير متجانس ايديولوجيا وفكريا وحتى على مستوى التفكير
السامي والذي شعاره المصلحة العليا للبلد و خدمة مصالح من أقعدوهم فوق تلك
الكراسي المريحة حتى باتوا اليوم بقدرة قادر يصوتون باسمنا على قرارات تجهز
في الغالب الأعم على مصالحنا ، ويركبون السيارات الفاخرة وهم ممن كانت
بطونهم جوعى وجيوبهم تئن من الفقر المدقع قبل أن يصيروا بفضلنا داخل
مكاتبهم المكيفة ، وهم مما باثوا يلقبون اليوم بنواب الأمة بدون مستوى
تعليمي ولا تقافي ولا مبدئي يشفع جلوسهم الفعلي كمسؤولين حقيقيين فوق
كراسي جعلت للنقاش لا للتباهي .
في مستهل مقتطفات الخطاب الذي لامس جوانب كثيرة من حياتنا اليومية ،
دعا الكل الى تظافر الجهود من أجل بناء مغرب جديد يتسم باعطاء الحقوق ورد
المظالم المدنية والتشجييع على الاستثمار وعلى رأسها قضية البطالة
والهشاشة الاجتماعية وكل المبادرات الكافلة للحق السامي في العيش الكريم .
لغة مولوية داخل مضمون الخطاب لم تخلوا من ارسال رسائل مشفرة بنبرة
حادة كما ألفناها مؤخرا في عدة خطابات متتالية ، هذا بعد هزالة أداء
السياسيين والمسؤوليين والادارة العمومية على الخصوص واشادة القصر بالقطاع
الخاص ، سطور نقدية كانت صريحة المعالم ، أبانت عن عدم تساهلها في الأفق
مع كل تقاعس ممارس باسم الموقع، ودعا من خلالها الجانب الرقابي المجلس
الأعلى للحسابات الى العمل على محاربة كل الأشكار المخلة بالميثاق الداخلي
للدولة ،هذا بعد الصلاحيات المخولة له في اطارالتنقيب عن الاختلالات التي
تعاني منها الادارة المغربية على مستوياتها المتنوعة وعلى رأسها التدقيق
الحسابات والبحث عن أسباب العراقيل وابراز الشطط في استعمال السلطة
ومسؤولية الموظف و المسؤول مع مسؤوليته وتحرير ملاحظات في السياق كخطوة
لتدارك الخلل وعلاج الوباء .
فرغم هاته الخطابات يبدوا أن نواب الأمة لم يفهموا الدرس ، وقد بدى ذلك
بعد انتهاء الخطاب ، حيث شهيتهم كانت مفتوحة ، حيث تسارعوا نحو الطابق
التاني للبرلمان لالتهام “كعكة البرلمان” لأنهم هم من يدركون من غيرهم
حقيقة الحلاوة ومكانتها لازاحة المرارة ،وما اذا كانت مكوناتها سليمة من
عدمها ، قبل أن يتم معها طرد عدسات المصورين الصحفيين وابعادها عن تصوير
حدث الالتهام الذي يحتظنه السيرك البرلماني ،لأن ما يربطهم ، بالسيرك أو
البرلمان هو الجلباب الأبيض و القبعة الحمراء والراتب السمين الذي يكلف
الدولة تلاثة و عشرون مليار سنويا دون احتساب المبيت والتنقل الذي يكلف
الدولة ألفان وخمس مائة درهم في اليوم ، بلاضافة الى الامتيازات الأخرى
كالتنقل عبر الطائرة والقطار مجانا في مقابل أداء الفقير لثمن كل حركة و
سكون وادائه للضرائب التي ينعم بها هؤلاء الذين ينتظرون خمس سنوات من العيش
في جنة الأرض لاستخلاص راتب أخر من جيوب دافعي الضرائب ، والذي يتحدد في
تمانية الاف درهم دائمة دوام بقائه حيا .
اذن لنتساءل حول ما الغاية والقيمة النوعية التي يقدمها هؤلاء ، و ما
الغاية من تواجدهم فوق الكراسي في الوقت ما ما زلنا نناقش فيه قضية البطالة
ومشكل الصحة والتعليم والبينة التحية التي لا زالت لم تغادرنوعية
المطالب ،أمام الدفاع باستماثة عن المعاشات الريعية والتي لا زلنا نتساءل
حيالها ، لماذا لم يتم سحبها عند انتهاء مدة انتدابهم لاعتبارات أن الدولة
تحارب الريع وهم ممن يلوكون بمحاربته ، قبل أن يصبحوا بقدرة قادر جزء لا
يتجزأ من تشكلة المفسدين السافكين لعرق جبيننا وندفعه في سبيل ثرائهم
وعيشهم في رغد، والسحب هنا يبقى مشروع لأن المنصب هو مهمة وتكليف فقط لا
مهنة ، لأن يحرص هذا الأخير على وضع اطار جمعوي والشروع في ماراطونيات
البحث عن ثغرات للي الأدرع وتنيها عن محاربة الريع الذي كان شعار أسمى
حاربه المغاربة ،بلاضافة الى سؤال تاني و اني الرامي الى كارثة المستوى
الدراسي والتقافي ترى لماذا تم تقييد قطاع الصحافة واجبار حملة القلم
وتقييدهم بشروط اعجازية لابعادهم بسبب أو باخر ، في مقابل ذلك ترك نواب
الأمة داخل المؤسسة التشريعية الملئ بفئة الأميين الذين لا يدركون حتى
كتابة أسمائهم ولا عرض معانات الأمة بسلامة العرض والتحليل اللغوي
“يتبوردوا بلغة الغابة ” مسندين الى حسابات سياسية ضيقة ، بين الألوان
والأشخاص والمواقف والتي شعارها الحفاظ على كعكة البرلمان بعيدين عن
الرقابة وعن الخضوع الى اجبارية المستوى .
ف 395من نواب الأمة ناهبا للمال العام. 395 * 40.000 درهم =15.800.000
درهم في الشهر يعني 189.600.000 درهم في السنة . لو كان هؤلاء يتقاضون
تعويضا ب10.000 درهم لوفروا على خزينة الدولة سنويا مبلغا قدره 142.200.000
درهم و هو مبلغ كافي لتشغيل 2.370 شاب عاطل بأجر قدره 5.000 درهم شهريا.
وقس على هذا مجلس المستشارين و الوزراء و كل المنتخبين. أغلب النواب عندنا
في المغرب من الأغنياء و المفروض إن كانوا فعلا يحبون هذا الوطن أن
يتنازلوا عن كل تعويضاتهم من مجلس النواب لصالح الفقراء من أبناء الشعب
المغربي المغلوب على أمره.