كما سبق وكشفت عنه “شوف تيفي”، سابقا ،أدى الملك محمد السادس اليوم، صلاة الجمعة بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.
وحسب وكالة المغرب العربي للأنباء فقد استهل الخطيب خطبتي الجمعة بقول
الله عز وجل “قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل توثرون الحياة الدنيا
والآخرة خير وأبقى، إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى”، مبينا أن
الأديان التي جاءت إلى الناس على أيدي الرسل الكرام، من عهد إبراهيم إلى
عهد نبينا سيدنا محمد عليه الصلاة وأزكى السلام، جاءت من إله واحد لغاية
واحدة هي تطهير الإنسان من الأنانية، وهديه للصدق، وحمايته من طغيان
المصالح التي تجره للفساد وللباطل.
وأضافت الوكالة بأنها الخطيب ولتوضيح هذه الاستمرارية في التبليغ، أكرم
الله تعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بمعجزة الإسراء، مراده في ذلك عز
وجل، أن يبين للناس تشخيص هذه الاستمرارية على الأرض، حيث إن إبراهيم عليه
السلام، بعدما بنى البيت بمكة وأقام المسجد في القدس، فكان مصلى بعده
لسيدنا داود، ثم لابنه سيدنا سليمان عليهما السلام، مبرزا أن الله سبحانه
وتعالى أراد أن يكون لخاتم النبيئين ارتباط بهدا المكان المقدس،الذي سجد
فيه لله الواحد إخوانه من الأنبياء الذين بشروا بالحنيفية السمحة. وللأسف
الشديد، يضيف خطيب الجمعة، فقد أفسد من أفسد ممن خلف أتباع هؤلاء الأنبياء
الأوائل، فتسلط عليهم الجبابرة بالفتك والإجلاء، ووقع طمس مكان المسجد، حتى
ذكره القرآن وسماه بالمسجد الأقصى، نظرا لبعده ولبيان معجزة وصوله في جزء
من الليل …، مشيرا إلى أن القدس عرف في العهد الإسلامي نظاما رعى لكل
الأديان حرماتها، وسار على ماهو مقرر في مبادئه القرآنية، من اعتبار أصل
الأديان الواحد، ورسالتها المشتركة، في زرع الإيمان ونبد الفرقة والإثم
والبهتان.
وتابع الخطيب تضيف الوكالة، “أنه في هذا العصر الحديث الذي تسعى فيه
الإنسانية إلى الاجتماع على كلمة سواء، في الحقوق والمساواة والحرية، وطرح
كل أنواع الاستعلاء والتمييز، تظهر من جديد نوازع الشقاق حول الأماكن التي
نزلت فيها رسالة التوحيد والمحبة من السماء، أرض فلسطين، وفي قلبها القدس
الشريف، تمتد إليها الأطماع من قوم يزورون التاريخ، يعينهم على ذلك التزوير
قوم آخرون، يلوحون بنصرتهم على الجشع والعدوان”.
وشدد الخطيب على أن القدس الشريف يحتل في ضمير الأمة الإسلامية مرتبة
جليلة سامية إلى جانب الحرمين الشريفين، والعالم يشهد أنه تعرض للاحتلال
الذي لم يتوان في طمس معالمه، والتضييق على أهله وساكنيه، مبرزا أن الملك
محمد السادس، رئيس لجنة القدس، انتفض في وجه هاته الفعلة النكراء، ودعا
المجتمع الدولي، على مختلف الأصعدة، لتحمل كامل مسؤولياته أمام التاريخ
والمواثيق الدولية.
وهذه الانتفاضة الملكية الرائدة والفريدة، يوضح الخطيب، “نابعة من حرص
الملك، على توفير كل أسباب البحث الجدي عن السبل الحكيمة لتحقيق السلام،
وتحقيق الأمن والأمان الدائمين للطرفين ولكافة شعوب المنطقة”.
وأكد الخطيب أن الملك ومنذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، جعل قضية
فلسطين، ووضع مدينة القدس الشريف في صدارة اهتماماته وانشغالاته، سواء في
إطار لجنة القدس أو خارجه، ومواقفه في هذا المجال لا يحدها عد ولا يحيط بها
حصر، مواقف جريئة وشجاعة، تصدع بالحق وتنادي بالإنصاف لشعب محتل مقهور،
ولمدينة القدس السليبة، أولى القبلتين وثالث الحرمين، وسجل أن العالم
الإسلامي لن ينسى للملك مواقفه ومبادراته المتواصلة، كما لا ينسى لوالده
الملك الراحل الحسن الثاني صرخته المدوية سنة 1969 جراء إقدام سلطات
الاحتلال على إحراق المسجد الأقصى، فدعا، لأول قمة إسلامية احتضنتها
المملكة.
ومن جهة أخرى أشرف أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره
الله، اليوم الجمعة بالدار البيضاء، على تدشين المركب الإداري والثقافي
التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والذي كلف إنجازه استثمارا
إجماليا قدره 166 مليون درهم.
وقد أنجز المركب الجديد، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية المتعلقة
بإنشاء مركبات مندمجة بمجموع عمالات وأقاليم المملكة، بما يجعلها بنيات
للإشعاع الديني والثقافي، تمكن العلماء من القيام بمهام التوجيه والتأطير
وترسيخ الثوابت الدينية والوطنية المنوطة بهم على أكمل وجه.
وينسجم هذا المشروع، المشيد على قطعة أرضية مساحتها 7850 متر مربع، تمام
الانسجام، مع الجهود التي يبذلها جلالة الملك، والرامية بالخصوص، إلى جعل
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تضطلع من جديد بدورها الطلائعي في خدمة
المكتبات العلمية، ونشر الثقافة الإسلامية، وصيانة الموروث الإسلامي.
ويشتمل هذا المركب، الذي تعكس هندسته وزخرفته براعة وعبقرية الصانع
التقليدي المغربي، وكذا تنوع وغنى الموروث المعماري الوطني، على جناح إداري
يضم مقرات المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات الدار البيضاء -أنفا،
والمندوبية الجهوية للشؤون الإسلامية، ونظارة الأوقاف.
كما يحتوي على قطب ثقافي يشمل مركزا للتوثيق والأنشطة الثقافية، به ثلاث
مكتبات مخصصة، على التوالي، للعلوم الاجتماعية والآداب، والدراسات
الإسلامية والتاريخ، والأطفال، وقاعات للمخطوطات والمنحوتات، والمجلات
والدوريات، وفضاءات للتوثيق مرصودة لضعاف السمع والبصر.
كما يضم المركب فضاء للأطفال، وقاعات للمعلوميات، والسمعي -البصري،
والاجتماعات، وقاعة للعروض تتسع لـ 296 مقعد، وقاعة شرفية، وقاعة للصلاة،
ومرآب من طابقين يتسع لـ100 سيارة وفضاءات خضراء.
وسيشكل هذا الصرح الجديد فضاء متميزا لتنظيم التظاهرات الدينية
والثقافية، بما من شأنه تعزيز إشعاع العاصمة الاقتصادية للمملكة والنهوض
بالكفاءات التي تزخر بها، كما سيتيح تدبير الشؤون الدينية وفق مبدأ القرب.
ويأتي إنجاز هذه المنشأة في إطار إستراتيجية مندمجة، شاملة ومتعددة الأبعاد
تنفذها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بهدف إنجاز مركبات مماثلة بمختلف
مدن المملكة.
وهكذا، أنجزت مركبات مماثلة بمدن مكناس ووجدة ومراكش وطنجة وميدلت
وتارودانت وشفشاون وخريبكة والناظور وبنسليمان، في حين توجد مركبات أخرى في
طور الإنجاز بكل من سلا، بنجرير، تنغير، سيدي بنور، قلعة السراغنة،
تاوريرت، الحسيمة والعرائش.
,