وصف كثيرون من داخل حزب العدالة والتنمية التراجع الكبير للحزب في الانتخابات الجزئية، التي جرت يوم الخميس الماضي في ثلاث دوائر انتخابية، بالسقوط الحر؛ وذلك بسبب الفوارق التي حققها منافساه حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة.
المثير في الموضوع هو أن حزب “الحمامة” استطاع أن يكتسح نتائج الانتخابات الجزئية في جهة سوس ماسة، التي تعد معقلا لمنافسه الرئيسي في المشهد السياسي المغربي حزب العدالة والتنمية، حيث فاز مرشحاه في كل من أكادير بفارق كبير عن الحزب الذي يسير الحكومة والمدن الكبرى.
وخلق التجمع في مدينة أكادير المفاجأة عندما حصل على المقعد البرلماني المخصص لهذه الدائرة، بعدما خاض هذه الاستحقاقات الجزئية بترشيح محمد الولاّف على رأس لائحته.
واكتسح حزب الأصالة والمعاصرة نتائج الانتخابات الجزئية بدائرة بني ملال، بحصوله على المقعد البرلماني المخصص لهذه الدائرة بفارق كبير على أقرب منافس له المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية.
وطيلة ليل الخميس/ الجمعة، تباينت آراء أعضاء حزب العدالة والتنمية في أسباب هذا الاندحار الذي حصل للحزب، خصوصا أنه لا يفصله عن الانتخابات التشريعية التي حقق فيها الحزب فوزا كبيرا بـ125 مقعدا سوى سنة؛ لكن جل الآراء كانت ترجع ذلك الاندحار إلى الأزمة الداخلية الخانقة التي يمر منها الحزب.
من جانبه، لا يعتبر عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية القانون الدستوري في جامعة محمد الخامس بالرباط، ما حدث لحزب المصباح اندحارا، مضيفا أن التفسير القائل بسقوط العدالة والتنمية وصعود التجمع الوطني ليس صحيحا.
وأكد رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، في تصريح لهسبريس، “أن العدالة والتنمية لا يزال ظاهرة انتخابية قوية نظرا لطريقة اشتغاله وطريقة وصوله إلى الناخبين”، لافتا الانتباه إلى ارتباط قوته بقيادة عبد الإله بنكيران وطبيعة خطابه، لذلك يتوقف تقييمه وسقوطه أو صعوده على حالة أوضاعه بعد المؤتمر.
“القراءة التي تنطلق من ثنائية الصعود والسقوط للأحزاب السياسية بناء على نتائج الانتخابات التشريعية هي قراءة عاطفية وحماسية تروجها قواعد وقيادات الأحزاب المعنية بالصراع؛ ولكن الباحث لا يقبل”، وفق اسليمي.
ويردف أن “تشتت المشهد الحزبي لا يسمح لنا اليوم ببناء استنتاجات عن سقوط وصعود حزب معين”، موردا أن “الأحزاب الثلاثة المتصارعة والمتمثلة في العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار تعيش انتقالات، حيث إنها لم تعد كما كانت؛ ولكنها في الوقت نفسه لم تصل بعد إلى أخذ نموذج شكل مكتمل”.
وفي هذا الصدد، أكد أستاذ التعليم العالي أن الأحزاب الثلاثة متناقضة اليوم في مساراتها، ولن يكون المسار مكتملا إلا بعد المؤتمرين الوطنيين لحزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة واستقرار مؤتمر التجمع الوطني للأحرار واكتمال شكله”، مشددا على أن “المناطق التي أجريت فيها الانتخابات التشريعية الجزئية هي معاقل لهذه الأحزاب؛ ومهما كانت النتائج، فالصراع ينحصر بينها”، يختم المتحدث ذاته