رأيسلايد

من أجل الكرسي يحدث كل شيء

غريب إلى حد الجنون كيف يتشبث بعض الأشخاص بكراسيهم وبسلطتهم إلى آخر رمق في حياتهم، هل السلطة الذاتية المنبعثة من النرجسية والأنانية هي التي تولد هذا الإنصهار الكلي بين الشخص والكرسي؟

ام ان المؤخرات هي التي التحمت بشكل كلي وحميمي مع هذه الكراسي كيفما كان نوعها، سواء صنعت من جلد السبع او الضبع او جلد الكلاب، او حتى انها خشبية بمساميرها ؟؟
إن السرطان القاتل والمرض المزمن الذي تعاني منه بعض المخلوقات البشرية هو هذا الحب الجنوني للكرسي ونتحدث عن كرسي السلطة والمسؤولية بكل تلاوينها الذي يتحول مع مرور الزمن إلى إدمان وإلى مرض نفسي يحول الشخصية السليمة إلى آلة مدمرة وقنبلة موقوتة يمكن ان تدمر كل من حولها أو الأشياء البعيدة عنها بلارحمة أو شفقة من اجل هذا البقاء فوق الكرسي.
فالرئيس او أي مسؤول سياسي يقضي أكثر من ثلاتة أرباع عمره منبطحا فوقه كجثة هامدة، إلى حد الصورة الغريبة التي يمكن ان يصبح معها الكرسي طرفا من أطراف جسده ويعشق ان يتحول إلى جزء متحرك ملتصق بمؤخرته، وعنما يتحدث الآخرون عن التغيير ويطالبونه بزحزحة أطرافه عن الكرسي فكأنما يطالبون منه بإجراء عملية جراحية او استئصالية لفصل أحد اعضائه عن جسده.
وعلماء النفس حينما يعتبرون هؤلاء الأشخاص من المرضى الذين يستحقون العلاج السريع ويستحقون نوعا من الشفقة والرعاية الطبية في أقسام مستعجلات خاصة تليق بأمراضهم ووضعهم المعنوي فهم صادقون.
لهذا نجد في كثير من المدن أو القرى ان بعض المسؤولين السابقين سواء كانوا برلمانيين أو رجال سلطة أو رؤساء أحزاب أو بلديات أو جماعات قروية الذين انتزعت منهم كراسيهم لأسباب متعددة يتهتهون في وحدتهم ويعطون الأوامرلخيالات لايرونها إلا هم ويحركون سباباتهم وأياديهم وأطرافهم بدون سبب كالمجانين .
ومن أجل الكرسي يصبح المؤمن كافرا ويمسي مؤمنا،

ومن اجل الكرسي تتشتت الأسر والعائلات ويبكي اليتامى،

ومن أجل الكرسي تشتغل المحاكم في قضايا تافهة ،

و من أجل الكرسي يقلب الأشخاص معاطفهم وسراويلهم وجنسياتهم ومبادئهم ويغيرون زوجاتهم وأبناءهم وأحزابهم وشعاراتهم وألوان سياراتهم .
من أجل البقاء على الكرسي أطول مايكون ينسلخ الجميع من عاداتهم وتقاليدهم ويتنكرون لآبائهم وامهاتهم وزوجاتهم وفراشهم ويتنصلون من الجميع من أجل ان تبقى مؤخراتهم مرتاحة ومنسجمة مع لذة الكرسي.
من أجل الكرسي ينام المناضل يساريا ويستيقظ في أحضان الإنتهازيين ويفطر القاعدي مع الدراويش ويتعشى مع الفاسدين، ويتجرع الخمرة مع الملحدين ويصلي الفجر مع المؤمنين ويتغزل بالصبايا وينام في حضن العاهرات ويدخن الحشيش طول الليل وعندما ينبلج ضوء الصباح يرش أطرافه بالمسك ويشرب من ماء زمزم وفي يمناه التسابيح.
من أجل الكرسي يطلق المناضلون لحاهم ويتسوكون ويستغفرون ويسبحون ويستشدهون بآيات الله ويؤذنون ويصلون مع الجماعة ويعانقون من يعرفون ومن لايعرفون، ويتصدقون بثيابهم وساعاتهم وأحديتهم.
من أجل الكرسي يبكي المعذبون في وحدتهم ويقهقهون وينفعلون ويصفعون ويتحولون إلى سباع ضارية وفي لحظة اخرى يذرفون الدموع ويقطرون بالعواطف ويستسلمون لأي شيء ماعدا الكرسي.

أيها الكرسي اللعين سواء كنت حشبيا أوجلديا او حديديا او كهربائيا..نحن من صنعك..ونحن من زركشك..ونحن من هندسك طولا وعرضا..لماذا تثير فينا بلاشفقة او رحمة هذه الفتنة المستمرة أيها الشيطان اللعين ؟؟
نتحدث عن كرسي المكاتب المكيفة وعن كرسي المجالس والوزارات والرآسات والولايات…اما كراسي المقاهي في احياء الدراويش وكراسي المستعجلات وكراسي المعاقين وكراسي الطوبيسات وكراسي ماسحي الأحدية وكراسي المراحيض فخدوها واصنعوا منها ديكورا في بيوتكم واجعلوا منها وقودا لنيرانكم الملتهبة فلا احد يتمناها.
رجاء أيها الكرسي المتحرك سواء إلى جهة اليمين أو اليسار او المرصوص في مكانه الأوسط إلى الأبد .
سواء كنت كرسيا لرآسة البلدية او الجماعة او المجالي الإقليمية أو الغرفة الفلاحية او التجارية او في البرلمان ، نطلب منك ولو للحظة زمنية فارقة ان تتحول قاعدتك إلى أسلاك كهربائية او مسامير شائكة تنعش إبرا وحقنا في مؤخرة هؤلاء الجاثمين عليك وعلينا إلى الأبد علهم يستفيقون من سكرتهم وعبثهم واستبدادهم وجبروتهم وطول مدتهم التي فرضوها علينامن أجل الكرسي يحدث كل شيء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى