بقلم عبدالهادي فاتح
“بوجلود”، أو”بيلماون”، كما يطلق عليه أغلب أهالي منطقة اقليم تارودانت، ومهما تعددت التمسية فالشخصية واحدة، هي عادة من أعرق العادات التي استطونت الجنوب المغربي خصوصا منطقة سوس، وهي ظاهرة احتفالية تبتدئ عشية يوم عيد الأضحى من كل سنة، يتوزع خلالها شباب إلى مجموعات ترتدي الجلود والأقنعة وتجوب الأزقة والشوارع والأحياء من أجل زرع الفرجة والمرح بين صفوف الساكنة والزوار.
لعل من ابرز الملاحظات التي يرصدها المتتبع والمهتم بالتراث الثقافي المغربي، حجم التغيير، فبوجلود اليوم ليس هو بوجلود الأمس، وثمة بون شاسع بينهما خصوصا من الناحية التنظيمية، فالأمس تكون احتفالات عيد الأضحى محطة تراثية ترفيهية ولوحة جميلة من الفلكور الشعبي ومتنفسا شعبيا، ويعد حينها في غاية البساطة تحكمها العفوية والسرور والبهجة، و كان الكرنفال يمر في جو أخوي جميل تطبعه الفرجة ويشهد له الجميع بالنجاح .
أما اليوم، فهو مقترن بالعشوائية والهزل، أحتكره لفيف من اللصوص والمهلوسين والعصابات التي تتنكر بجلود الاضاحي دون حصول على شارة ” بادج ” لا يحمل توقيع أي إطار قانوني، لابتزاز فرحة الابرياء والاجهاز على ايام السرور وتحويلها إلى جحيم لا يطاق بزرع الرعب في صفوف الساكنة ومطاردتهم في الشوارع العامة وإبتزازهم بالعنف تراثا، ويضيف مهتمون بهذا الشأن، أن مقتمص شخصية “بوجلود”، اليوم، فلا بد قبل أن يرتدي الجلود يحتسي الخمر ويتناول أصنافا مختلفة من المخدرات، وهو الشيء الذي كنا مرفوضا، لأن من يقارع الخمر سيبتز المواطنين خاصة النساء، وسيسرق ويسب ويشتم ويهاجم المارة بهمجية”. ناهيك عن ثأثر شخصية بوجلود بالمدينة والحداثة، ففقد على اثرها عددا كبيرا من مقوماته وصفاته، فالاحترام الذي كان يكنه له المجتمع ، وتظهر بين الفينة والاخرى شجارات ونزاعات بين شباب يرتدون الجلود، فأصبح السير بوجه مكشوف أمرا عاديا وهو مايتعاضر والمتعارف عليه لتراث عمر لازيد من 14 قرن.
احتفالية “بيلماون” أو “بوجلود” من بين الطقوس الاحتفالية التراثية التي كاد أن يطويها النسيان، لولا يقظة المجتمع المدني الذي حرص على إحياء هذه الاحتفالية بتزامن مع مناسبة عيد الأضحى، والمراد من هذه السطور ليس اقبار أوالإجهاز على هذا التراث الانساني اللامادي، التي من واجبنا الاحتفاظ عليه لما يحمله من موروث ثقافي ولا يشكل “بوجلود”، أو”بيلماون” الا جزءا يسيرا منه ولكن العيب في اخلاق وتصرفات المجسدين للمهرجانات والحفلات والكرنفالات اذ بتصرفاتهم السيئة الناتجة عن سوء التنظيم والتسيير، نفقد كل شيئ معناه الحقيقي لتصبح النتائج عكس ما ينتظره المواطن وفي جميع المجالات.
يبدو جليا أنه من الواجب على السلطة المحلية أن تتابع وتضرب بيد من حديد على كل من يتطاول على هذا الثراث لاإنساني الرامز للتسامح، والذي يتجاوز 14قرنا، فاصبح لزاما التصدي لهذا التهريج الذي ينهب ويسرق ويقتل ويجرح ,جاثما على انفاس العباد، وفي غياب الامن لوقف هذه المهزلة ستستمر الماسي باسم الترات