كانت مدينة تارودانت، تسمى مدينة العلم والعلماء، حتى الامس القريب، ومصدرا لالهام العديد من رؤساءالدول، والفنانين والكتاب والشعراء ومشاهير السينما، الذين يحطون الرحال بها للاستمتاع بهدوئها ومعالمها التاريخية، وطيبة سكانها، والتجوال بدروبها وازقتها العتيقة التي منتح للمتحول فيها دفء التراث وعبق الرياح. هكذا كان ينظر الى حاضرة سوس.
نظرا للتهميش الذي طال المدينة العتيقة تارودانت، وغياب الاهتمام بالمعالم التاريخية لحاضرة سوس، كما سماها العلامة المختار السوسي، هناك عوامل متعددة حولت المدينة الى محمية للمشردين والمختلين عقليا، الذين يلجأون اليها بمحض الصدفة او عن طريق حملهم من مدن اخرى وتفريغهم في ما يطلق عليه الشوارع والساحات، كحل ترقيعي ولا انساني للتخلص من هذه المعضلة الاجتماعية.
تعرف مدينة تارودانت، انتشارا مهولا للمشردين والأمراض العقلية الذين فاق عددهم العشرات، يوجدون في وضعية جد مزرية، حيث يرتادون ملابس رثة وممزقة ومتسخة، وتنبعث منهم روائح كريهة، منهم من يسب ويشتم، والنوع الاخر يهاجم مرتدي المقاهي ويشاركهم موائدهم رغم انفهم، بالترامي على على المشروبات الساخنة او الغازية، اما النوع الاخر فيقتات من بقايا الاطعمة والنفايات والازبال، دون اغفال فئة ثالثة تشكل خطرا على المارة، حيث لايتوقفون عن الصراخ والاعتداء في بعض الحالات على المارة، ورشق السيارات والمحلات التجارية بالحجارة.
وفي هذا الاطار، اصبحت نافورة اسراك بتارودانت بوسط ساحة العلويين، ملجأ للمتسولين والمخبولين، رغم ان هذه الساحة توجد بها المساجد والمقاهي والدكاكين وبعض المؤسسات البنكية، ومع ذلك يتخذها هؤلاء المشردون نساء ورجالا مأوى لهم، يفترشون الارض ويتلحفون السماء، امام مرأى اعوان السلطة ورجالها ومنتخب المدينة ومصالح الامن، مما يحول المكان الى مشهد مقرف وبئيس بسبب الاوساخ والقاذورات، وجعل منه صورة مسيئة للمدينة في عيون الزوار المغاربة والاجانب.
هذه الفئة من المشردين والمختلين عقليا، التي تتجول في شوارع وساحات المدينة، منهم عدد من المرضى والمصابين بحروح، وهناك من يتعرض للاغتصاب والاعتداءات الجنسية، خصوصا النساء والاطفال، مما يسائل المسؤولين عن الشؤون المحلية والاجتماعية بتارودانت حول هذه الظاهرة المقلقة، التي بدات في اولانة الاخيرة تتفاقم وتشكل انزعاجا للسكان والمجتمع المدني.