مع انقضاء المهلة التي منحتها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر، اليوم الأربعاء، بغية الرد على مطالبها، إثر إعلان الدول الأربع قطع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع الدوحة لاتهامها بدعم إيران و”الإرهاب”، تثار من جديد علاقة الملف بحزب العدالة والتنمية في المغرب، الذي طالما اتهم بصلته بجماعة الإخوان المسلمين، هذه الأخيرة التي تعدها “الدول الأربع” ضمن التنظيمات الإرهابية.
قصة المقاطعة
في الـ5 من يونيو الماضي، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها مع قطر وفرض حصار بري وجوي على الدوحة، لاتهامها بـ”دعم الإرهاب”، قبل أن تتقدم الدول المعنية في الـ22 من الشهر ذاته، عبر الكويت، بقائمة تضم 13 مطلبًا إلى قطر لإعادة العلاقات معها، وأمهلتها 10 أيام لتنفيذها قبل أن تمددها لـ48 ساعة إضافية، تنتهي مساء اليوم الثلاثاء.
ووسط نفي قاطع من الجانب القطري، الذي رفض تلك الاتهامات، تقول الدوحة إن المطالب “ليست واقعية ولا متوازنة، وغير منطقية وغير قابلة للتنفيذ”، على أنها “مستعدة للتفاوض إذا توفرت الشروط المناسبة”؛ في وقت تشمل قائمة المطالب من أجل تجاوز الأزمة نقاطاً بارزة؛ بينها غلق قناة “الجزيرة”، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وغلق القاعدة العسكرية التركية المقامة فوق أراضي الإمارة الخليجية.
لائحة “الإرهاب”
وفي الثامن الشهر المنصرم، أعلنت “السعودية ومن معها “لائحة الإرهاب” التي تضم شخصيات وتنظيمات إسلامية قالت إنها “مرتبطة بقطر وتخدم أجندات مشبوهة”، في اتهامات جديدة موجهة إلى حكام الدوحة، وهي اللائحة التي ضمت أسماء 59 شخصاً و12 تنظيما من عدة جنسيات عربية، أبرزهم قيادات في جماعة الإخوان المسلمين، وهي اللائحة التي جددت إثرها الدول الأربع، في بيان لها، “التزامها بدورها في تعزيز الجهود كافة لمكافحة الإرهاب وإرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة”، مؤكدة أنها “لن تتهاون في ملاحقة الأفراد والجماعات، وستدعم السبل كافة في هذا الإطار على الصعيد الإقليمي والدولي”.
قطر والـ”PJD”
وخلال الفترة التي أعلنت فيها السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعتها لقطر، انهمكت الواجهة الإعلامية لحزب بنكيران في بث أخبار وقراءات مساندة للدوحة فيما أسمته “الحصار”، ليظهر ذلك من خلال عناوين من قبيل: “الكويت تتسلم رسميا رد قطر على مطالب “دول الحصار””، و”شاب فلسطيني يتبرع بأغلى ما يملك تضامنا مع “الجزيرة””، و”تقرير حقوقي يدعو إلى رفع الحصار عن قطر قبل عيد الفطر”، و”هكذا ردت قطر على مطالب الرباعي”، و”استنكار حقوقي دولي لمطالب إغلاق الجزيرة”.
في مارس الماضي، وفي عز الأزمة الحكومية التي عرفها المغرب، إثر التأخر المثير في تشكيل الحكومة التي تكلف به عبد الإله بنكيران منذ شهر أكتوبر من العام الماضي، سيظهر الأمين العام لـحزب العدالة والتنمية بصفته الحكومية وبشكل مفاجئ وهو جالس بجانب أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي استقبله بالديوان الأميري بالدوحة، على هامش مشاركته في افتتاح النسخة الرابعة لمؤتمر ومعرض قطر للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وقرأ العديد من المتتبعين في ذلك دليلا على الصلة الواضحة بين “إخوان المغرب” وبين الدوحة، التي طالما احتضنت قيادات جماعة الإخوان المسلمين بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، في يوليوز عام 2013.
بنكيران والإمارات
أما علاقة الإمارات، في شخص بعض مسؤوليها، فليست على ما يرام مع حزب العدالة والتنمية، أو على الأقل مع أمينه العام عبد الإله بنكيران، وهذا ما ظهر جليا في مناسبات دبلوماسية للدولة الخليجية بالمغرب أو عبر خرجات إعلامية كما فعل أكثر من مرة ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، الذي هاجم في وقت سابق حزب “المصباح” واصفا “إخوان المغرب” بأنهم “أجسام بغال وعقول عصافير”.
قصف خلفان لإخوان بنكيران كان، دوما، من منصة موقع “تويتر”؛ فمع مطلع العام 2015، دبج المسؤول الإماراتي تغريدة انتقد فيها حزب العدالة والتنمية المغربي بالقول “لا عدالة ولا تنمية لديه”، قبل أن يردف: “الإخوان في كل مكان، في حزب أو جماعة أو جمعية كلهم زي بعض”، متابعا: “الإخوان أصلا عصابة في أي دولة”، على حد قوله، موردا مرة أخرى توقعه أن “تسقط حكومة الإخوان بالمغرب سقوطا مدويا خلال عام”.
مع تعيين الملك لسعد الدين العثماني، الرجل الثاني في “العدالة والتنمية”، رئيسا للحكومة، بعد إعفاء بنكيران لـ”بلوكاج” دام زهاء ستة أشهر، سيعود المسؤول الإماراتي ليعلق على الحدث، في مارس من العام الجاري، ويعبر عن ابتهاجه بالقرار الملكي، حين قال على “تويتر” أيضا إن “إعفاء بنكيران يلاقي ترحيبا واسعا في الأوساط السياسية العربية”.
أتلاتي: الموقف الرسمي سيادي
ما مدى تأثير الأزمة الخليجية الراهنة على المملكة المغربية، خاصة أن حزب العدالة والتنمية هو من يقود الحكومة؟ سؤال نقلته هسبريس إلى الجامعي المغربي طارق أتلاتي، الذي أورد أن مواقف الأحزاب والهيئات السياسية داخل المغرب تختلف بحسب توجهاتها ومرجعياتها؛ “لكن الموقف الرسمي يبقى سياديا، وتعبر عنه الدولة من منطلق علاقاتها مع باقي الدول”.
وصِلَةً بالأزمة الخليجية، يقول رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية إن المحددات الإستراتيجية والجيوستراتيجية تشير إلى أن العلاقات بين المملكة وبين كل من السعودية والإمارات “هي علاقات تاريخية لها ثوابت إستراتيجية ومحددات غير قابلة لأية ململمة أو خلخلة”، متابعا بالقول: “لكن حين يرتبط الصراع بين الأشقاء، فإن الموقف المغربي كان حكيما يحاول، إلى حدود الساعة، تجنيب منطقة الخليج حرب مدمرة”، على أن الرباط “كانت المتضرر الأول من سياسات قطر في فترة من الفترات؛ لكن كل ذلك لم يمنع من حكمة وتبصر جلالة الملك في اتخاذ قرار كبير ويمضي في اتجاه حسن تدبير الصراع الخليجي”.
إلى ذلك، يرى المحلل السياسي أن أي علاقة تربط أي حزب مغربي بأية دولة أو جهة خارجية أخرى “فهو يعبر عن وجهة نظر ذلك الحزب”، مشددا في الوقت ذاته “مما لا يدع للشك سبيلا على وجود أدوات قطرية تشتغل بحرية داخل دولة قطر ولها علاقات مع بعض قيادات حزب العدالة والتنمية، وهناك أدلة كثيرة”، إلا أنه أورد أنه ذلك “لا يمنع من أن الدولة المغربية ذات سيادة ومواقفها تبقى في اتجاه خدمة المصالح العليا للوطن، ولا تضيقها في جزئيات تعبر عنها الأحزاب”.
عن هسبريس – طارق بنهدا