رأيسلايد

ملاحظات بين ثنايا مشروع البرنامج الوطني للنهوض بالقطاع الصحي 2017-2021 الذي قدمه وزير الصحة أمام المجلس الحكومي.

ان الإستراتيجية الوطنية للصحة   أو ما سمي  بمشروع البرنامج الوطني  للنهوض بالقطاع الصحي 2017-202 ،الذي قدمه وزير الصحة أمام المجلس الحكومي في شهر يونيو2017 ، يفتقد الرؤية والرسالة والأهداف لكونها لم تبنى على مرجعية وتوجهات  سياسة  ببعدها  الوطني والدولي من خلال  مضامين الرسالة الملكية الموجهة  للمناظرة الوطنية للصحة المنعقدة بمراكش  يوليوز 2013.  ومن خلال انخراط والتزام المغرب  تنفيذ أهداف التنمية المستدامة2017-2030. .بل تعوزها الجرأة في الكشف عن نتائج المحصلة في الإستراتيجية الوطنية السابقة  2012-2016  عبر تقييم وتحليل موضوعي علمي يقدم أمام الرأي العام حول نتائج المخطط ومدعم بدراسات ميدانية ،للوقوف على الاختلالات الجوهرية التي تعيق إصلاح  المنظومة  الصحية ، وتحليل استراتيجي للوضعية الصحية  لتحديد مواطن القوة والضعف وتحليل الفرص والمخاطر  . لذلك فهي بعيدة كل البعد عن الانتظارات والحاجيات الملحة والضرورية اليوم ، المعبر عنها من طرف السكان والمهنيين. ،خاصة ان كل المؤشرات دالة على فشل حقيقي للإستراتيجية السابقة في تخفيض نسبة الوفيات النساء  الحوامل والأطفال الرضع  وفي تقليص نسبة الوفيات الناجمة عن مرض السل  والسيدا التي ارتفعت بشكل مخيف ولا كما وفشلت في  التقليص من مساهمة الأسر المغربية  في النفقات الإجمالية للصحة من 54 إلى 25 في المائة كما سطرته  الإستراتيجية السابقة كهدف عام .  حيث ان أكثر من  54 % من الإنفاق الكلي على الرعاية والخدمات الصحية هو إنفاق ذاتي مصدره من جيوب الأفراد والأسر المغربية و تدفع بطريقة مباشرة من قبل المواطن. ويتحمل المواطنون خاصة الفقراء منهم ثلثي أعباء وتكاليف الخدمة الصحية  والعلاج بنسبة 72% من الإنفاق الكلى ارتفاع أسعار الأدوية والتجهيزات الطبية والتحليلات الطبية وهو ما يفيد فشل نظام التامين الإجباري عن المرض فضل عن فشل نظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود في توفير العلاج والأدوية مجانا للفقراء الذي يضطرون اليوم أداء وتغطية تكلفة علاجهم بالمستشفيات العمومية من جيوبهم بسنية 76 في المائة  ظلما  
         ان إستراتيجية  القطاع الصحي أو ما سمي  بمشروع البرنامج الوطني  للنهوض بالقطاع الصحي 2017-2021 ، تظل مجرد شعارات كبرى وأهداف غير قابلة للتطبيق   تتسم بعدم عدم الوضوح في قدرة الوزارة  على توفير الإمكانيات المادية والبشرية لتحقيق أهدافها سواء على المدى القصير أو المتوسط لكونها بنيت على مفاهيم ضعيفة وأهداف عامة ففظاظة  ولا تخضع إلى أية أسس علمية ولا تتماشى مع الحاجبات الحقيقة للمغاربة وخاصة منهم الفقراء ودوي الدخل المحدود وقرى وبوادي ومدن المغرب الهامش التي تعاني من غياب البنيات التحتية والتجهيزات والموارد البشرية. ولا تضع في الحسبان التطورات المستقبلية للنظام الصحي الوطني والعلاقة الجدلية مع  المحددات الاجتماعية للصحية  التي تنعكس سلبا أو إيجابا  على صحة الفرد والأسرة والمجتمع .
     كما ان مشروع البرنامج الوطني  للنهوض بالقطاع الصحي 2017-202 اعد  في مكاتب مغلقة،  في غياب ثقافة الإشراك، وكالعادة  من طرف بعض  الخبراء الأجانب ،الذين أصبحوا زبناء  مفضلين لدى الوزارة في السنوات الخمس الأخيرة، يكلفون خزينة الدولة  أموالا عمومية  ونفقات كبيرة من أجل صياغة استراتيجيات هزيلة  لارتقى إلى الانتظارات و بعيدة عن واقعنا واحتياجاتنا والإمكانات التي توفرها الحكومة من موارد مالية وبشرية، و تفتقد المعايير العلمية الجديدة,   في الوقت الذي تزخر فيه وزارة الصحة وبلدنا بشكل عام بخبرة وكفاءات وطاقات عالية  كان على الوزارة إشراكها في بلورة مشروعي نتقدم قابل للانجاز على المدى القصير والمتوسط  . والنتيجة أننا أمام إستراتيجية جديدة 2017 -2021 ،لاعلاقة لها  بالميزانية المرصودة   للقطاع الصحة لسنة 2017  والتي لم تتجاوز 4.7 في المائة .  ولا الموارد البشرية التي  صرح وزير الصحة بوضعها في قلب أولوياته واهتماماته؟ عي حين ان  عدد المناصب المالية التي خصصتها الحكومة لقطاع الصحة سنة 2017 والتي عرفت تراجعا عن السنوات الخمس السابقة من 2000 الى  1500 منصب مالي جديد علما أن عدد الموظفين المحالين على التقاعد في نفس السنة يصل إلى أزيد من 800 موظف ارتفاع عدد الاستقالات في صفوف الأطباء الأساتذة والأطباء المتخصصين،  إي ان القطاع الصحي لم يحصل إلا على اقل من 600 منصب مالي جديد سنة2017 . وبالتالي ستظل المستشفيات والمراكز الصحية المغلقة على حالها بل ستضاف إليها مستشفيات ومراكز صحية أخرى هي  في طور الانجاز أو  تلك المبرمجة في المشروع الوطني الجديد  بسبب غياب الموارد البشرية .
        ناهيك على  ان التوجهات العامة لتنفيذ هذه الإستراتيجية لم تاخد بعين الاعتبار الأوليات الصحية وذات الطبيعة الاستعجالية والهادفة إلى الاستجابة لانتظارات الحقيقية للمواطنين،على المدى القريب والمتوسط ، والتي تتعلق أساسا بالرفع من المناصب المالية المخصصة للقطاع الصحي وتوزيعها بشكل عادل على مختلف الجهات التي تعاني الخاص المهول في الموارد البشرية و بتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لجميع المستشفيات والمراكز الصحية  بمختلف الجهات وخاصة أقسام  المستعجلات والجراحة ووحدات الإنعاش وأقسام الولادة وطب الأطفال… علما  ان70  في المائة من المستشفيات العمومية  ال 144 لم تعد  تتوفر فيها الشروط و المعايير الدولية الاستشفاء كما ان  أقسام المستعجلات  بالمستشفيات العمومية ال 144 والمراكز الجامعية الخمسة تعرف أزمة حقيقية  ،بسبب فشل مخطط طبّ الطوارئ والمستعجلات الذي قدمه وزير الصحة أمام  أنظار جلالة الملك . وهي الأقسام التي تعرف اليوم وفيات بالجملة نتيجة غياب الموارد البشرية والأدوية والمستلزمات الطبية الاستعجالية والإهمال. حقائق لماسي إنسانية تكشف عنها المعانات اليومية للمواطنين عبر وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي . فالأكيد أن تنفيذ  إستراتيجية جديدة 2017 -2021  والميزانية المخصصة لها بما فيها نفقات نظام  الراميد لن تنفق  وترصد للأولوية الحقيقية لقطاع الصحة العمومي ولتأهيل  حقيقي لمستشفياته، التي باتت قاب قوسين او ادني من الانهيار التام، ووفق حاجيتها الضرورية اليوم  من خلال  رصد هذه الميزانية للمديريات الجهوية بدل احتكارها على المستوى المركزي ، وتركها بين أيدي شركتين معروفتين لدى عموم موظفي الوزارة.  لكن وحسب التصريحات  الأخير للسيد وزير الصحة فإنها ستستجيب  مرة أخرى لمطالب الشركات والتواطؤ معها للنفخ في حساباتها عبر تحويل الغلاف المالي الخاص بتأهيل  المستشفيات  لشراء– أجهزة السكانير؟ – الفحص بالرنين المغناطيسي لكل مستشفى؟ و بأسعار تتجاوز تلك المتداولة في اروبا .كما وقع في صفقة شراء  100 سيارة إسعاف ب 340 مليون سنتم من شركة  كندية.  فضلا عن ما تكلفه  من أموالا باهظة  للصيانة ،التي  تستنزف ميزانية المديريات الجهوية وهي الآن  اغلبها  معطلة  ،ومركونة في مراب السيارات بالمديريات الجهوية او المندوبيات الصحية. ويتم عرضها أمام المواطنين في المناسبات. علاوة على الهر المالي الذي تعرفها عملية كراء مروحيات عادية لاعلاقة لها بالمروحيات الطبية ،و التي تكلف بدورها  خزينة الدولة أموالا باهظة دون نتائج تذكر. لكونها ذات محرك واحد ولاعلاقة لها بمروحيات التدخل الطبي السريع ،في حين كان من المفروض توقيع اتفاقية مع مؤسسة  الدرك الملكي  التي تتوفر على مروحيات طبية حقيقة قادرة على القيام بهذه المهمة الإنسانية في مختلف الظروف وبجودة عالية ومجانا.كما ان الإستراتيجية الوطنية ظلت تتكتم عن الميزانية المخصصة لشراء الأدوية ومصير2.2 مليار لسنة 2014 وقبلها والتي حولت لتغطية نفقات أخرى بتواطئ مع المراقبة المالية مما جعل 144 مستشفى عمومي دون أدوية لمدة أربع سنوات.علما ان الوزارة الحالية  استمرت في شراء اللقاحين الذين وقعت حولها ضجة كبيرة من طرفهم و قدموا تقريرا حول الخروقات التي عرفتها الصفقة الإطار للمجلس الأعلى للحسابات. 
البدائل
           ان القطاع الصحي بالمغرب يواجه تحديات كبيرة  وأحيانا خطيرة لعل أبرزها ارتفاع الوفيات ومعدلات الإعاقة والمتغيرات الديمغرافية  وارتفاع نسبة الشباب وكبار السن والتحول النمطي للأمراض وارتفاع حجم الانتظارات ، أمام غياب التغطية الصحية الشاملة  CMUوفشل نظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود فان  الإدارة  الصحية ظلت تعوزها الإرادة السياسية الحقيقية والقدرة على القيام بإصلاحات حقيقية تهدف تحقيق العدالة الصحية بالمغرب .وعدم احترام مبادئ الحوكمة و والحد من انتشار  الفساد  والهذر والتبذير في القطاع وتفشي مظاهر تتنافى وأخلاقيات المهنة الصحية، مما يتطلب معه القيام بإجراءات مستعجلة تتعلق بالزيادة  في الميزانية المخصصة لتمويل القطاع الصحي  بنسبة 2 في المائة كل سنة لتصل إلى 12 في المائة سنة 2021 و تمويل نظام المساعدة الطبية عبر صندوق خاص بغلاف مالي 4 مليار درهم  تصرف للمستشفيات العمومية وفق قاعدة الساكنة الفقيرة والمعوزة  القطاع الصحي  وتوظيف  10 ألف إطار كل سنة ما بين طبيب وممرضة  وقابلات وتقني صحي ومساعدات اجتماعية ، وتوفير بيئة عمل لائقة للعاملين الصحيين لتجسيد صحة وإعداد  هيكل تنظيمي  جديد أكثر تطورا يعتمد الجهوية  الصحية كأساس للإدارة الصحية  القرب ،وإنشاء مجلس وطني للصحة يترأسه رئيس الحكومة والقطاعات الوزارية بجانب رؤساء الجهات ويضم كل الفاعلين الصحيين بالقطاعين العام والخاص من فدرالية المصحات وشركات الأدوية  والتجهيزات الطبية والمختبرات والنقابات العمالية والمجتمع المدني المتخصص في الميدان لوضع إستراتيجية وطنية تستمد قوتها وتوجهاتها من “ميثاق وطني” متجدد يستجيب  لمقتضيات المرحلة القادمة ومتطلبات المستقبل وتعديل التشريعات المتقادمة و ضمان توفير نظام تقديم خدمات شامل ومتكامل وذو جودة عالية ومجاني لغير المستفيدين من التامين الصحي ..وطرح الابتكار وتحسين الكفاءة في تقديم الرعاية  الصحية وجودة الخدمات و خلق نظام بيئي فعال لقطاع الرعاية الصحية و بناء  التعاون بين القطاع العام والخاص وإعادة هندسة هيكلية الإدارة الصحية .
 علي لطفي 
رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى