اسرار بريس متابعة
لم يكن الحريق الذي شب، صباح يوم الجمعة سادس ماي، في خزان للوقود بفندق المامونية بحاضرة “سبعة رجال”، سوى علامة واضحة أعادت للأذهان خطورة وجود محطات للوقود ومضخات لبيع البنزين بالتقسيط وسط المجال العمراني وداخل الأحياء الشعبية المكتظة.
وخلال جولة ميدانية بمقاطعات مدينة مراكش، لاحظت هسبريس وجود محطات وقود بالشوارع الرئيسية، وبأحياء مقاطعة جليز الراقية. أما المناطق الشعبية فتعرف انتشارا ملحوظا لمضخات لبيع البنزين أمام محلات لإصلاح الدراجات العادية والنارية وأخرى لبيع قطاع غيارها، ما يشكل تهديدا لأمن السكان وسلامتهم، حسب تصريحات متطابقة للموقع الإخباري.
ماذا لو وقعت كارثة؟
“الأسوأ في عمل محطات الوقود أو مضخات بيع البنزين هو مخالفتها لشروط السلامة”، يقول مصطفى محروز، أستاذ بكلية العلوم السملالية بمدينة مراكش، مستدلا بشارع عبد الكريم الخطابي الذي يحوي انطلاقا من المسرح الملكي في اتجاه طريق الدار البيضاء أكثر من ستة محطات لبيع المحروقات، لا تفصل بين واحدة وأخرى سوى أمتار معدودات.
وأضاف المتحدث ذاته أن هذا الشارع الذي يعتبر مدخلا لمدينة مراكش يضم مدارس وجامعات وحيا جامعيا وعمارات سكنية، إضافة إلى متجولين وسائحين، والأمر نفسه بالأحياء الشعبية المكتظة بالسكان، مثل سوق الربيع بمقاطعة سيدي يوسف بن علي، معتبرا تواجدها بمثابة خطر كامن يمكن أن ينفجر في كل لحظة.
وأوضح محروز أن طريقة هندسة شارع عبد الكريم الخطابي لا تسمح بأي تدخل سريع في حالة وقوع حريق أو انفجار لا قدر الله لأنها مغلقة، ولا تتوفر على أجهزة إطفاء الحريق، وزاد: “كما أن هذه المحروقات تطرح مشكلا آخر يتعلق بالمستخدمين، لأنها لا تتوفر على التهوية المناسبة، ولذلك فهم غير محميين من المواد السامة”.
وطالب الأستاذ الجامعي عينه وزارة الطاقة والمعادن والمشرع بالتدخل لتقنين شروط إحداث محطة الوقود وضامن سلامة وأمن المواطنين، وتابع: “من يشرف على بيع المحروقات بالمضخات داخل الأحياء السكنية لا يملك تكوينا عن كيفية التدخل في حالة حدوث حريق أو انفجار، ما يشكل تهديدا للسكان”.
وشدد الجامعي سابق الذكر على ضرورة تطبيق القانون في هذا المجال، وعدم السماح لمن يصلح الدراجات أو يبيع قطع غيارها بأن يبيع البنزين، باعتبار ذلك غير قانوني؛ ولأن هذه المادة يجب أن تقتنى بالمحطات الخاصة بذلك، التي يجب أن تكون خارج المناطق الآهلة بالسكان، مستدلا بإصابة مستخدم بفندق المامونية لحظة اندلاع الحريق في الأسبوع الأول من الشهر الجاري.
لا خوف على المدينة
“أي محطة لبيع الوقود تخضع للنظام وتتوفر على كل الضمانات التي تقاوم كل طارئ خطير، سواء كان حريقا أو انفجارا”، يقول عبد العنكري، عن فرع مراكش لجمعية محطات الوقود بالمغرب، مؤكدا أن المدينة الحمراء لم يسبق لها أن عرفت أي حادث مؤلم بأي محطة قديمة، لأنها تتوفر على شروط الوقاية، كأجهزة إطفاء الحريق المثبتة تحت سطح الأرض، إضافة إلى خزان ماء كبير يستعمل لإخماد النيران.
“المحطات القديمة لا تشكل خطرا؛ فحين وصول الشاحنة بصهريجها تتم مراقبتها”، يورد تاجر المحروقات عينه، معبرا عن استغرابه الترخيص لمحطات جديدة داخل المجال الحضري، رغم وجود قانون يمنع بنائها بالمجال الترابي للمدينة، على حد قوله.
وأورد المتحدث ذاته أن المشكل الثاني هو المضخات التي غزت الأحياء السكنية، فأصبحت بمثابة قنابل موقوتة، ومنها التي تبيع البنزين والكازوال والخليط في الآن نفسه، وهو ما يشكل خطرا كبيرا، وزاد: “في منطقة العزوزية تعرض مستخدم والمحل للحريق، والأمر نفسه بسيدي عباد”، مشيرا إلى أن أكثر من 100 شكاية وضعت بهذا الخصوص، دون جدوى، حسب تعبيره.
المضخة في خدمة المواطن
هسبريس نقلت تخوفات كل من المحروز والعنكري لعبد السلام الهردة، رئيس جمعية بيع الوقود بالتقسيط المرخص، الذي أوضح أن هذه المضخات ضرورة اقتصادية لأهل مراكش الذين يستعملون الدراجات النارية في قضاء مآربهم والانتقال إلى مقرات عملهم، مؤكدا أن المحلات المرخص لها تتوفر على شروط السلامة، كأجهزة إطفاء الحريق والتأمين على جميع المخاطر.
“وراء كل مضخة قانونية مرسوم وزاري، وتضمن لقمة العيش لمستخدم يعيل أسرة وعائلة”، يقول الهردة، معبرا هو الآخر عن تخوفه، لكن من المضخات غير القانونية التي تنتشر بين مقاطعات مدينة سبعة رجال بكثرة، ومطالبا الجهات الوصية بالعمل على تقنين هذا القطاع، مقترحا إحداث محطات صغيرة تضم مضخة أو مضختين لتزويد الدراجات النارية التي لا يخلو منزل مراكشي منها بالوقود.
في كل مدن العالم محطات
أما بشأن وجود محطات الوقود وسط التجمعات السكنية، يرد أحمد المتصدق، نائب رئيس المجلس الجماعي لمراكش، المكلف بتدبير ملف النقل الحضري، قائلا: “هذه الظاهرة موجودة في كل المدن العالمية، طالما أنها ملتزمة بالقانون؛ فلا وجو لما يمنع ذلك، لأن المركبات قد تحتاج للوقود في أي لحظة، لكنها مطالبة كذلك بالمحافظة على جمالية المدينة”.
لجان المراقبة، حسب المستشار سابق الذكر، تقوم هي الأخرى بدورها في حث هذه المحطات على احترام شروط السلامة والأمن، وتابع متسائلا: “هل يعقل أن تكون المحطات خارج المدينة؟”، ولما واجهته هسبريس بإمكانية التفكير في محطات صغيرة، حبذ الفكرة ودعا إلى التفكير فيها في أي مشروع لهندسة مدينة سبعة رجال، لتعويض القائمة بحاضرة مراكش.
الجواب في الرباط
لم تتمكن هسبريس من الحصول على رد الإدارة الجهوية لوزارة الطاقة والمعادن، خلال زيارة مقرها بمدينة مراكش، لأن سكرتارية المديرية الجهوية المشار إليها أبلغت الموقع الإخباري بأن قسما خاصا بالوزارة بعاصمة المملكة هو المخول الوحيد بإعطاء المعلومات، لأن القوانين تمنع المسؤولين جهويا من التصريح الإعلامي.