رأيسلايد

لماذا ماتت “إيديا”؟

ماتت “إيديا” لأن المستشفى الإقليمي بتنغير يعاني من نقص في الموارد وخاصة الدواء و الأطر و الأطباء والتجهيزات، ويكفي زيارة خاطفة للمستشفى كي يلاحظ الزائر الظروف الكارثية لأغلب مرافقه وخدماته، ابتداء من مدخل المستشفى، الذي وضع فيه حراس من المرحلة الكولونيالية، مرورا بقسم المستعجلات، فجله اختلالات، انطلاقا من مكتب الطبيب إلى قاعة العلاجات، مرورا بغرفة مهملة في أقصى القسم قرب دورة المياه، أما عن قاعة الملاحظة، وقسم الفحص بالأشعة فحدث و لا حرج، خصوصا وأن القائم عليه مصاب بمرض السكري، وقد قدمت في حقه العشرات من الشكايات ضد اعتداءاته المتكررة في حق المواطنين.. ولا يمكن بطبيعة الحال أن نستثني قسم الولادة الذي يستقبل عددا كبيرا من النساء، إذ أن سعته السريرية لا تتجاوز 47 سريرا إلى جانب هشاشة بنيته التحتية التي لا تناسب التخصصات والمهام المسندة إليه، ولا أدل على ذلك من شهادة السيد عبد الجليل السعيدي وزوجته وهو إطار طبي بالمندوبية الإقليمية للصحة بتنغير، ويمكن الرجوع إلى الفيديو على اليوتيوب والذي صرح فيه باختلالات هذا القسم. هذا الوضع الكارثي الذي يعرفه قطاع الصحة بالإقليم انعكس سلبا على ظروف عمل واشتغال المهنيين أطباء وممرضين في جل مصالح المستشفى، مما انعكس سلبا أيضا على العلاقات المعاملاتية بين الأطر والعاملين من جهة والوافدين إليه من مواطنين/مرضى من جهة أخرى، وعلى هذا الأساس تتشكل قدرة الكادر الطبي أو الممرض على احترام قيم المريض والنظر إليه كإنسان لا كمريض مهمل من الدرجة الثانية وتحميله عبئ تملص الجهات المعنية والوصية على القطاع من أداء واجبهم في تنمية الحق في الصحة، وتحسين ظروف عمل الأطر والأطباء والممرضين، فإحساس المريض بمعنى المعاناة لا يرتبط فقط بالمرض الذي يشكو منه، بل يرتبط أساسا بفقدانه معنى الحياة، فأين هي مهارات الاتصال مع المريض؟.
إن أبرز ما يعيق تحسين أداء السياسة الصحية بتنغير هو هزالة البنية التحتية المتهالكة وضعف التجهيزات المتوفرة، وقلة الموارد البشرية العاملة في القطاع، وانعدام الحكامة الجيدة، وذلك نتيجة عدم اهتمام المندوبية الوصية على القطاع بهذه الإشكالات الرئيسية، وكذلك سوء التدبير والهشاشة البنيوية التي يمكن أن تعرقل كافة الجهود المبذولة لإصلاح قطاع الصحة إذا لم يتم إيجاد حلول ناجعة وملموسة لها.
وانطلاقا من هذه المعطيات يمكن اعتبار المستشفى الإقليمي لتنغير بإمكانياته المتواجدة حاليا أحد أكبر العقبات التي تعيق عملية الحصول على الرعاية الصحية، مع العلم أنها إحدى دعائم المجتمع الرئيسية، ومظهرا لحضارته، وأساسا هاما لاستقراره ورضاه، ونحن نعلم أن مفهوم الرعاية الصحية امتد ليشمل أيضا مفهوم الحفاظ على الصحة العامة ضمن إطار التنمية البشرية للمجتمع والحفاظ على حقوق الإنسان.
إن الرعاية الصحية تعتمد على أسس محدده أهمها، توفرها للمواطن بالقرب من مكان معيشته وعمله، توفرها بجودة عالية، وقدرة المواطن على الحصول عليها. ولأن كل ذلك غير حاصل وغير متوفر ولا مفكر فيه، فقد كان ذلك سببا كافيا في استشهاد إيديا… واش فهتي آسي المندوب الجهوي ولا لا..
عبد الحكيم الصديقي
لماذا ماتت “إيديا”؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى