رأيسلايد

جولة في اولادبرحيل اقليم تارودانت ..بين التحنزيز والتبركيك ولكم تفاصلها ..

.قلم حر   

ما بين العصر و المغرب ، خرجت أتسكع و أطوف في ما يسمى  بالمدينة  البرحلية  ، قطعت شارع الكبير مهرولا كأن أحدا يتعقبني ويريد بي سوءا ، مررت قبالة المسجد الكبير ، عرجت يسارا عند بريد المغرب، ومنها إلى ثانوية الداخلة ، ويمينا في اتجاه القصارية . إكتشفت ان المكان عديم الحيوية ،بل موحش، وأنني أسير منغلقا على نفسي، مما يجعل جولتي دون جدوى ، فقررت للثو أن أشغل زر التبركيكولوجي ، و أهتم قليلا بما يفعله الناس من حولي ، وما يقولونه وهم يتحدثون …….
قلبت الخطى ، وعدت من حيث أثيت ، هذه المرة ، إخترقت الشارع الكبير ، ، ليس هناك ما يثير الإنتباه ، الناس في روتينهم العادي ، يتبضعون ، وبعض الزبائن بوجوه واجمة ، يلقون أجسادهم المهترئة و المترهلة على كراسي المقاهي التي تحتل جزءا من الرصيف ، بحثا عن راحة موهومة ، يحتسون قهوة سوداء ، ممزوجة بدخان سجائرهم ، ويحملقون في المارة في شرود غير مفهوم ، ومنهم من يضع علبة حبات ساكرين على طاولته ، من حين لآخر ،ودون أن يشعروا يتحسسون أماكن مختلفة من أجسادهم ، كأنما يشعرون بألم ما …..
عند قصر البلدية ، أطفال يركضون و يلعبون ، نساء كثيرات يجلسن و يراقبن أبناءهن ، منهن من يصرخن بحدة ، ومنهن من يضربن صغارهن على مخالفة بسيطة وبعصبية حادة تعكس مزاجا غير سليم ….
قرب النافورة يتناوب البعض على أخذ صور ، وبطرق إستعراضية ، منهم من يفعل ذلك لأول مرة ، ويريد توثيق فرحة عابرة ، وقبل أن يفعلوا يسوون ملابسهم ، ويتصنعون ابتسامات بالكاد تنفلت من ضغط داخلي…
في الجانب الآخر ،وقرب محطة الحافلات ، بضع نساء هنا و هناك ، وجوههن مخبأة تحت ملاحيف ملفوفة بعناية فائقة ،ليس معهن ابناء ، يتحدثن إلى بعضهن البعض في ما يشبه سرية تامة ، واحيانا تسمع رنين هاتف نقال ، فتسرع صاحبته إلى الحديث متوارية عن الأنظار ، دون أن تودع من كانت تجلس معهن ………
غير بعيد عن المكان ، مجموعات من كبار السن يلعبون لعبة ضاما غير آبهين بالآذان و لا بالصلاة ، رجال أنهكهم الدهر و دواير الزمن الغدار ، بشرتهم تميل إلى الحمرة الممزوجة بالسواد ، لفرط ما تعرضوا لأشعة شمس لا ترحم ، و في زمن لا يرحم ، وفي مجتمع ينتج ثروة و لا يستفيد منها ، يقضون ما تبقى من ساعات يومهم على شكل حلقات تتوسطها رقعة ضاما تحت عمود إنارة عمومية ، دخان سجائرهم الحاد يشعرك بالإختناق ، ويستمرون في روتينهم هذا كل يوم ، لم يعد يهمهم من أمر الحياة شيء ، إنهم في قاعة انتظار الوفاة ،أما الموت فقد ماتوا من زمان كغيرهم من الأحياء الكثر الذين يجوبون الشوارع بلا روح……
إستوقفتني لا فتات ، أغلبها كتب نيابة عنا ، و يتحدث عن رباط مقدس لم أفهمه ، وبعضها يحدد التزامات واجبة على المواطنين ، كأننا اجتمعنا وقررنا على أنفسنا ذلك ،غريب …أعجبني مضمون واحدة ، تقول : دولة الحق و القانون يرعاها العرش العلوي ، فخمنت هل يوجد هذا في نظريات العقد الإجتماعي ؟ هل تحدث مونتيسكيو وهوبز و لوك وروسو عن هذا ؟
لكن و انا أستعرض صور الناس لم أر أحدا يقرأ كتابا و لا رأيت احدا يقرأ جريدة ، فقلت : لهذا السبب ينوب عنا المخزن في كل شيء ، ويرسم لنا كل شيء ..
…….
السيارات المركونة كثيرة ،إمتلأت كل الاماكن الموجودة في الشارع ، كما امتلأت محطة سيارة الاجرة ، وجوه جديدة تظهر ، من حين لآخر فتيات بملابس عصرية ، الناس يتحلقون على عربات بائعي الخضر و الفواكه، وهناك من ينادي على قريب له أو صديق بأعلى صوته : إييه سي محمد آجي ، فينقضون على الفواكه بشكل ، لا يعكس ما تبديه مظاهرهم رجالا و نساء، من لباس عصري ومفاتيح السيارات في ايديهم ، يقرقبونها من حين لآخر، بطريقة لا تخلو من دلالة . يلتهمون الفواكه و ، بلهفة مفرطة ، كأن هذه الفاكهة ستنقرض بعد ذلك ، هذه طبيعة شعب البطنة…شباب بتسريحات شعر غير مألوفة ، يضايقون الفتيات بكلمات جارحة ، شبقية ، تعكس اضطرابا سلوكيا و قيميا غير مفهوم ، حز في نفسي ذلك .. .
عرجت ، وقلت في نفسي هذا التسكع لن يكون له معنى إلا بجولة قصيرة في حي اولاد براهيم و زيارة سوبير ، قطعت الشارع الكبير مرة اخرى ، على جنباته عربات ، رجل و زوجته يجلسان قرب جدار يلتهمون الخبز الحافي و يتبادلان الحديث : طرانكيل نعام آس …ومن مقهى تنبعث رائحة سمك مقلي تشعرك بالرغبة في التقيؤ ، إختلطت كل الروائح بما فيها رائحة البشر ،والسجائر المنبعثة هنا وهناك ، والناس يأكلون و يأكلون ، ولا يابهون بمن حولهم …فجأة رايت رجلا بلباس سلفي ، فوق رأسه طاقية، ويلبس فوقية سوداء قصيرة نوعا ما ،وبجانبه تسير شقراء بشعرها الذهبي المكشوف ، وقد شمرت أكمام جلبابها الضيق ،الذي يظهر مفاثنها بشكل يسمح بظهور ذراعيها ، كانا يسيران جنبا إلى جنب و يتحدثان لم أفهم شيئا ، فقلت لا باس الناس معادن …بباب مسجد الكبير خرج رجل بهندام أنيق أعرفه، لحيته مهذبة ، لم يراني ، فقلت في نفسي: أحسن لا أريد إحراجه ، نصاب ومحتال ….وفي حي اولاد براهيم وجدت تلاميذ ثانوية الداخلة عند سوبير ، وقفت أتأمل حبات المعقودة و اتذكر ايام الماضي ،وبعد ذلك اتجهت صوب عين الشيخ وجدت الناس يجرون خيباتهم، يسيرون بطرقة تعكس عصبيتهم الحادة، يفتعلون خصومات مجانية مع جيرانهم لأتفه الأسباب بسبب ضغط الحياة و الفقر ، و يدخلون بيوتهم ،ينهكهم الثعب ، فيأكلون ما تبقى من خبز و زيت و ينامونن على أمل ، و لا أحد يتساءل منهم : فين مشات الثروات.؟ فين مشات الملايير لي تنهبات من ايت برحيل و من المغرب ، في مشات صوديا فين مشات صوجيطا …يخافون من السؤال ، ويخافون من الحلم ، عملا بوصية الأجداد : لي خاف نجا ..أصابني إحباط شديد ، فقفلت راجعا مسرعا ، و أنا أفكر أن اغرق في كتاب ، لكني نسيت إطفاء زر التبركيك الذي شغلته ، في البداية ، وعند مقر جمعية الافاق الواعدة ، إلتقيت رجلا ، شخر بشكل غريب و بصق على الأرض دون اكتراث ، شعرت بالتقزز من ذلك السلوك ،وفي محاولة هرب ،إلتفت يسرة أنظر إلى داخل منزل ، فما سقطت عيناي إلا على امراة غليظة تحفر أنفها بأصبعها ….أسرعت الخطىى عبر الأزقة وعند بقال الحي ، وجدت قطة تعرفني جيدا ، حامت حولي ، فركت رجلي برأسها مرات و مرات ، كانت تحرك ذيلها، فروها نظيف جدا ، حملتها بين يدي ، مسحت على جسدها و رأسها ، أحست بالطمأنينة كما أحسست بها و،كالعادة ، إقتنيت لها قطعة جبن ، راقبتها و هي تأكلها برفق ، أعجبتني حركة لسانها ، ومن حين لآخر تلتفت إلي ، كأنها تقول لي: لا تذهب حتى أنتهي….بقيت هكذا إلى أن فاتني دوار الجولة ، رميت     ما يسمى بمدينة  اولادبرحيل خلفي وعدت إلى نفسي واريد الرحيل 
نتيجة بحث الصور عن اولادبرحيل

عرض مزيد من التفاعلات


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى