يصدق بعد عبد الله الوراق، المنتمي للجماعة السلالية كروطة ولاد صالح السلالية، أنه أمسك فعلا بكلتي يديه وثيقة رسمية صادرة عن السلطات الترابية بعمالة النواصر، التابعة لوزارة الداخلية، تشير إلى أنه شخص متوفي، وهي الوثيقة نفسها التي أفسحت المجال لشخص أجنبي عن الجماعة السلالية كروطة للاستفادة من تعويض عن نصيبه من تفويت هذه الأراضي بقيمة 400 مليون سنتيم.
وفاة مزورة
قصة الوثيقة المزورة، لكونه ما زال حيا يرزق إلى يومنا هذا، وفق ما رواه الوراق لهسبريس، يقف وراءها مسؤولون محليون، ونائبان عن الجماعة السلالية تم عزلهما من طرف أفراد القبيلة بمحضر قانوني في سنة 2010، وبالرغم من ذلك واصلا التوقيع على وثائق تفويت الأراضي إلى الوكالة الحضرية لمدينة الدار البيضاء.
ويؤكد الوراق أنه تفاجأت عندما تناول الوثيقة واطلع على مضمونها، وقال: “قتلوني سنة 2013 في الأوراق الرسمية لعمالة النواصر، من أجل إتاحة الفرصة لصلاح الدين البراق للاستفادة من تعويضات موجهة إلى أفراد القبيلة السلالية التي هو ليس منها ولا ينتمي إليها لا من بعيد ولا من قريب، وقد وجهت 14 شكاية إلى مجموعة من الإدارات الحكومية في الدار البيضاء والرباط دون جدوى”.
وأضاف عبد الله الوراق، الذي يعتبر واحدا من بين 108 أفراد منتمين للجماعة السلالية كروطة اولاد صالح الذين يمتلكون حاليا أزيد من 700 هكتار من الأراضي بالمنطقة، أنه سعى جاهدا إلى إقناع المسؤولين في عمالة النواصر بأنه حي يرزق، وأنه هو من يستحق ذلك المبلغ، لكن دون جدوى.
نائبان سلاليان غير مرغوب فيهما
مشكل الوراق، البالغ من العمر 45 سنة ولديه ثلاثة أطفال، هو جزء من مشكل عام تتخبط فيه قبيلة كروطة اولاد صالح السلالية منذ سنوات، بسبب ما يقولون عنه إصرار لمسؤولي عمالة النواصر والوكالة الحضرية على التعامل مع نائبين عن الجماعة تم عزلهما من طرف أعضائها بمحضر رسمي صادقت عليه العمالة سنة 2010، وتم تعيين نائبين جديدين مارسا مهامهما لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يقرر مسؤولو النواصر وقف التعامل معهما، وإعادة النائبين المعزولين لممارسة مهام ليست من اختصاصهما، بحسب ما أكده أبو السعد العياشي المنتمي للجماعة السلالية كروطة اولاد صالح بإقليم النواصر.
أبو السعد العياشي أكد، في تصريح لهسبريس، أن أفراد القبيلة السلالية قرروا عزل النائبين كثيري الجدل، بعدما عمدا إلى تفويت ما يزيد عن 350 هكتارا من الأراضي السلالية بالمنطقة لفائدة الوكالة الحضرية للدار البيضاء بثمن بخس لم تتجاوز قيمته 180 درهما للمتر المربع، في الوقت الذي تحدد فيه الإدارة الضريبية قيمتها الحقيقية في 1100 درهم.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، يقول المتحدث لهسبريس، بل إن هناك أسبابا أخرى تقف وراء العزل الذي يرتبط باستفراد النائبين بالقرار أيام ولايتهما القانونية، دون الاستشارة مع أفراد القبيلة، وإصرارهما على ممارسة مهام لم تعد لهما الصفة لممارستها.
شكايات بلا مجيب
يقول أبو السعد العياشي في التصريح ذاته: “وجهنا شكايات متعددة إلى سلطات عمالة النواصر من أجل وقف التعامل مع النائبين المعزولين، ولا من مجيب، بل على العكس هم يعملون حاليا على الاستحواذ على مساحات شاسعة أخرى بسعر لا يتجاوز 160 درهما للمتر المربع، دون الرجوع إلى النواب القانونيين أو إلى افراد القبيلة لأخذ رأيهم في الموضوع، علما أن سعر المتر المربع هنا يزيد عن 1000 درهم، وبالتالي فالفرق يزيد عن 840 درهما في المتر الواحد، دون الحديث عن الطريق التي تم تحديدها دون سلك إجراءات التفويت أو نزع الملكية ودون إعطائنا أي تعويض”.
وأشار أبو السعد، الذي أخذ على عاتقه الدفاع عن مصالح أفراد قبيلته رغم التهديدات المتواصلة من طرف ممثلي السلطات المحلية، وفق تأكيداته، إلى أن “هناك إصرارا غريبا من طرف المسؤولين، خاصة في الوكالة الحضرية التي تنتزع منا ملكية أراضينا لتفويتها بمبالغ مضاعفة لمنعشين عقاريين، بل وإضافة مستفيدين لا علاقة لهم بالجماعة السلالية يزيد عددهم عن 57 شخصا، وبالتالي الإضرار بمصالح أفراد القبيلة الذين يتخبطون في الفقر بالرغم من توفرهم على مساحات شاسعة من الأراضي تقدر قيمتها بملايين الدراهم، ولا يستطيعون الاستفادة منها كباقي ملاكي الأراضي”.
رد النائب السلالي
المعطي بوالنعايم، أحد النائبين اللذين توجه إليهما أصابع اتهام أفراد القبيلة، وفي تصريح هاتفي مسجل مع هسبريس للرد عما يواجهه به أفراد القبيلة، قال: “أنا لا علم لي بأي موضوع تفويت جديد يهم 80 هكتارا، والسلطات هي التي يعود إليها أمر أخذ الأراضي، وأنا لا مشكل لي مع أي من أفراد قبيلة كروطة اولاد صالح، وإذا أردتم معطيات اتجهوا إلى السلطة”.
وأضاف في التصريح ذاته: “لقد فوّتنا مجموعة من الأراضي بسعر 30 درهما للغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة، ولأونابار بسعر أعلى قليلا، وللوكالة الحضرية بسعر 160 درهما، وأنا أمارس مهمتي بشكل قانوني”، في إشارة إلى أن أحدا لم يعزله، رغم أن الوثائق التي تتوفر هسبريس على نسخ منها تقول العكس.
عن هسبريس – محمد لديب