عد ساعات من تعيين الملك محمد السادس سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة خلفا لعبد الإله بنكيران، توجه مغاربة صوب محركات البحث للتنقيب عن سيرة “الرجل الجديد”، وبعض تصريحاته المثيرة في فترات مختلفة، وتوقف عدد منهم، خاصة من سكان الريف، عند شريط مصور يعود إلى فترة ما قبيل الانتخابات التشريعية لـ25 نونبر 2011، يؤكد فيه العثماني موقفه الداعم للحكم الذاتي للريف، منبها إلى وجود ما وصفها عرقلة لمشاريع التنمية في المنطقة.
العثماني، الذي كان يتحدث في لقاء مفتوح لحزب العدالة والتنمية في الناظور، وكان وقتها برلمانيا ويشغل مهمة رئيس المجلس الوطني للحزب، أورد في التصريح الموثق بالفيديو: “أقول دائما، إذا كانت هناك مناطق يجب أن يكون فيها الحكم الذاتي في البداية فهي الريف والصحراء”، مبررا موقفه باعتبار منطقة الريف “لها تقاليد من خلال جمهورية محمد بن عبد الكريم الخطابي، والتي كانت فعلا نوعا من حكم ذاتي أسّسه في هذه المنطقة، وأظهر به بأن الأخيرة يمكنها عبر إمكانياتها الذاتية وإذا تركت فستستفيد من خيراتها وإمكانياتها البشرية والمادية”.
ورأى الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة أن الحكم الذاتي للريف سيمكن المنطقة من “التنمية وتلبية حاجياتها”، قبل أن يستدرك قائلا: “لكن للأسف، ومنذ الاستقلال هناك نوع من العرقلة لمشاريع التنمية في المنطقة، ونحن نعرف كانت هناك إرادة لعرقلة التنمية في منطقة الريف ومحاولة تهريب الأموال والاستثمارات والإمكانات الكثيرة إلى مناطق المغرب المُنتفِع الذي يستفيد اليوم منها. وهو منطق لا زال مستمرا إلى اليوم”.
وقال العثماني وقتها إن لمنطقة الريف مكانة ووضعا خاصين، مشيرا إلى أن المقاوم الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي “بطل وطني وعالمي”، منبها إلى أن مثل هذه الرموز الوطنية تلاقي اهتماما ضعيفا على مستوى الإعلام ومناهج التدريس في التاريخ، التي اعتبر أنها تحتاج إلى “تعديل؛ لأن في التاريخ مراحل كثيرة ما زالت مجهولة، أو على الأقل لا نُعرّف للمغاربة ما لهم من رصيد”، متابعا: “إذا انطلقنا من هذا الرصيد سنبني مستقبلا كبيرا”.
وانتشر فيديو العثماني مباشرة بعد تعيينه رئيسا للحكومة من طرف الملك محمد السادس، وهو التصريح الذي يتزامن مع استمرار نشطاء الحراك في الحسيمة في احتجاجاتهم ذات المطالب الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية، والتي اندلعت منذ ليلة مقتل محسن فكري في 28 أكتوبر 2016، ونظمت آخر فصولها المتواصلة عشية أمس الأحد بمنطقة إمزورن حيث رفع المحتجون مجددا ملفهم المطلبي.
ورغم أن مطالب النشطاء لا تتضمن حكما ذاتيا لمنطقة الريف، إلا أن جل احتجاجات الحراك الشعبي في الريف تميز برفع الساكنة للأعلام الأمازيغية بجانب علم “جمهورية الريف” المنسوبة للزعيم المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي، فيما يركز النشطاء مطالبهم أساسا في “رفع حقيقي للتهميش الاقتصادي والمحاصرة التي يعيشها الإقليم”، و”إلغاء ظهير 1.58.381 الذي يعتبر إقليم الحسيمة منطقة عسكرية ويعوض بظهير يعلن الإقليم منطقة منكوبة”.
وتحمل “وثيقة مطالب الحراك الشعبي بإقليم الحُسيمة” مطالب توزعت بين ما هو حقوقي وقانوني بـ”تقديم كل المتورطين في مقتل الشهيد محسن فكري إلى العدالة”، و”الكشف عن حقيقة ملف الشهداء الخمسة في البنك الشعبي خلال أحداث 20 فبراير 2011″، وبين ما هو اجتماعي كـ”بناء جامعة متكاملة التخصصات”، و”توسيع شبكة المؤسسات التعليمية بكامل أسلاكها على امتداد الريف”، و”إحداث مستشفى جامعي بإقليم الحسيمة”، و”إتمام أشغال المستشفى الإقليمي محمد السادس” مع “بناء مستشفى خاص بالسرطان في الإقليم”.
متابعة
متابعة