لم تخل دورة المجلس الوطني الاستثنائية لحزب العدالة والتنمية من لحظات عدة استأثرت باهتمام بالغ من طرف أعضاء المجلس، خصوصا تلك المرتبطة بتدخلات أعضاء الأمانة العامة والوزراء السابقين، الذين كان لبعضهم وقع المفاجأة.
ولقيت مداخلات كل من عزيز رباح، عضو الأمانة العامة الوزير السابق الذي أجهش بالبكاء، ووزيرة المرأة والتضامن بسيمة الحقاوي التي لوحت بالمعارضة، ودعوة عبد القادر عمارة بنكيران إلى الراحة، تفاعلا كبيرا من طرف أعضاء المجلس الوطني للحزب الذي استمر إلى أزيد من إحدى عشر ساعة، تدخل خلاله ما يزيد عن 80 عضوا، واختتم بكلمة وصفت بالمؤثرة من قبل الأمين العام للحزب عبد الإله بنكيران.
وإذا كانت أغلب مداخلات الأعضاء قد نوهت بموقف رئيس الحكومة من المفاوضات رغم عدم تمكنه من تشكيل الحكومة مما أدى إلى إعفائه، فإن بعضها حاولت أن تثير الانتباه إلى بعض القضايا التي كانت محط نقاش داخل الحزب، ومنها ما يثار حول عزيز رباح من لعبه لأدوار خارج مؤسسات الحزب.
رئيس بلدية القنيطرة وزير التجهيز والنقل واللوجستيك السابق اختار بدون سابق إنذار أن يوجه رسائل إلى أعضاء الحزب فهمت على أنها محاولة منه لتبرئة نفسه، لما قال: “أشهد الله أنني لم أتآمر يوما على الأخ الأمين العام، ولَم يتصل بي أحد لضربه، ولَم أطعنه من الخلف يوما ما”، مضيفا: “كنت أرفض دائما محاولات البعض الإيقاع بينه وبين المؤسسة الملكية”.
وفِي الوقت الذي أكد فيه الرباح وهو يجهش بالبكاء أنه لن يسامح من أخرج كلامه عن سياقه من داخل أجهزة الحزب، بهدف الإساءة إليه، خرج الأمين العام عبد الإله بنكيران لطمأنة عضو الأمانة العامة بأنه لم يكن يوما موضع شبهة أو اتهام، داعيا الرباح إلى “التخلي عن مثل هذه الأفكار”.
وتحت تصفيقات أعضاء برلمان الحزب، بدا بنكيران منزعجا مما قاله الرباح، مسجلا أن “الحزب وإن كانت فيه وجهات نظر مختلفة، إلا أن أيّا من قيادات الحزب أو أعضائه، وخصوصا الرباح، لم يكن متهما بأي من التهم التي قد تسيء إلى موقعه داخل الحزب”.
في المقابل، وعكس ما عرفه المجلس الوطني للحزب من حماس، وتشبث بالأمين العام عبد الإله بنكيران وقدرته على إدارة المعارك، عاكس عبد القادر اعمارة، الوزير السابق عضو الأمانة العامة للحزب، توجه غالبية المتدخلين، عندما أكد أن “بنكيران أتعب من حوله، ويجب أن يرتاح”.
وفي هذا الصدد، قال اعمارة: “إن الحزب لا يجب أن يستمر في ضرب الأحزاب؛ لأنه ليس من أخلاقنا الإساءة إلى الآخرين”، ودعا “إلى الاجتماع مع الأحزاب الأخرى على توافق وطني بيننا”.
في مقابل ذلك، خرجت وزيرة المرأة والتضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، لتوكد أنها كانت مع فكرة العودة إلى المعارضة خلال الاجتماع الأخير للأمانة العامة للحزب، معتبرة أن “الحزب يشتغل مع نظام سياسي له خصوصيته، إلى درجة أنه عندما طلب رئيس الحكومة قيل له إنه لا يجب أن يقوم بهذه الخطوة؛ لأن هناك أعرافا مرعية لا يجب تجاوزها”.
واختتم المجلس الوطني بكلمة للأمين العام للحزب، عبد الاله بنكيران، كانت بمثابة وصية لأعضاء الحزب للتشبث بالملكية، معلنا أمام برلمان الحزب أنه “متأكد من نجاح رئيس الحكومة الجديد سعد الدين العثماني في مهمة تشكيل الحكومة”.
وقال بنكيران في هذا الصدد: “يجب مساعدة العثماني في مهامه؛ لأنها لن تكون سهلة، رغم أنني لم أكن سهلا كذلك”، وعلّق على إعفائه من طرف الملك محمد السادس بالقول: “وصلت إلى حد لا يمكنني الاشتغال والقرار جاء مناسبا؛ لأنه لَم يعد بإمكاني الاستمرار في الاشتغال في الظروف نفسها”.