* الأشقاء الجزائريون قلقون:
أستغرب غاية الإستغراب أن تكون عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية الإفريقية مثيرة لحالة من الإنفعال والإضطراب لدى الإخوة الجزائريين ، إضطراب يظهر من جهة في الإقرار بتقصير الديبلوماسية الجزائرية تارة وفي التأكيد على تفوق الديبلوماسية المغربية و الحضور المغربي في إفريقيا من خلال الرحلات المكوكية لجلالة الملك وتنويع هذه الديبلوماسية حيث لم يقنع بالجانب السياسي فقط بل وظف الديبلوماسية الإقتصادية والثقافية والدينية الروحية ، ثم في الإقرار ضمنيا بالهزيمة للجزائر باستعادة المغرب مقعده بالإتحاد الإفريقي بعد ترحيب الأغلبية الساحقة من الدول الإفريقية بعودته، في المقابل نجد عددا من المسؤولين والمحللين في عدد من البرامج التلفزية يقررون أن الجزائر انتصرت لأن المغرب قبل بميثاق الإتحاد الإفريقي وقبل أن يجلس إلى جانب الجمهورية الوهمية وبمبدأ ” الحدود الموروثة عن الإستعمار “.
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح : إذا كان رجوع المغرب إلى الإتحاد الإفريقي إنتصارا للجزائر وللأطروحة الإنفصالية فلماذا قاومت الجزائر ومعها جنوب إفريقيا وبعض الدول الإفريقية التي تدور في فلكهما رجوع المغرب وحاولتا وضع العصا في عجلته ؟ لماذا ناورا إلى آخر لحظة من أجل عرقلة هذه العودة ؟
لماذا يقر عدد من المحللين الجزائريين. بتفوق المغرب في مجال العمل الديبلوماسي وإخفاق السياسية الديبلوماسية الجزائرية الرسمية والموازية على الرغم من كونهم يفتخرون في نفس الوقت بأنهم ” أوفياء ” للمبادئ، مبادئ تحرر الشعوب والدعوة إلى تقرير مصيرها ؟
لماذا اعتبر حزب الموتمر الإفريقي بأن عودة المغرب للإتحاد الإفريقي نكسة لما سماه بحقوق الشعب الصحراوي ؟؟
من المؤسف أن يواصل الإخوة الجزائريون في مكابرتهم وعنادهم وأن يواصلوا طريقهم في المعركة الخطأ، من المؤسف أن نرى كل هذا التناقض والإرتباك في التعامل مع عودة المغرب إلى أسرته المؤسساتية.
كان من الأولى أن يفرح الإخوة الجزائريون بعودة بلد شقيق وجار إلى المنظمة ، وأن تكون تلك العودة فرصة لديناميكية جديدة في العلاقة بين البلدين والخروج من النفق المسدود الذي لا تبدو له نهاية في الأفق القريب . حين يعمر مشكل بين بلدين شقيقين نتيجة تنافس نشأ في ظروف الحرب الباردة أربعة عقود أو يزيد ولا تراوح المشكلة مكانها ، أليس من الحكمة إعادة طرح سؤال الجدوى في مواصلة السير في هذا النفق المسدود وتكرار لوازم عفا عنها الزمن من قبيل حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير؟ وهل للشعب الصحراوي في تندوف هذا الحق؟ ماذا لو رفعت القيود ورفع الإحتجاز عن إخواننا الصحراويين في المخيمات وترك لساكنيها الحق في تقرير المصير.
يقر الإخوة الجزائريون بأن المغرب غير مقاربته واستراتيجيته تغييرا جذريا، وأن هذا التغيير هو الذي يفسر عودته، في حين أن السلطات الجزائرية ومعها بعض النخب التي تسير في فلكها ما تزال متمسكة بأوطروحات عفا عليها الزمن
نتألم جدا أن يأتي الأذى من إخواننا وجيراننا ، وأن يتأذى إخواننا وجيراننا من المكاسب التي حققتها السياسية الإفريقية للمغرب، والواقع أن الأمر الطبيعي هو أن يفرحوا لعودتنا. من المؤسف أن لا أحد منا كمغاربة بقيت في نفسه بقية أمل في شيء إسمه الإتحاد المغاربي، وأن يواصل بَعضُنَا الكيد لبعضنا الآخر حتى لا يكون له وجود في هذه المؤسسة.
