حوادثسلايد

هل تكون نهاية العالم في سوريا.. هذا تقوله اليهودية والمسيحية والإسلام

سوريا.. هرمجدون نهاية العالم!

تشترك الأديان التَّوحيديَّة الابراهيميَّة في الاعتقاد بمعركة يقاتل فيها المؤمنون الأخيار أعداءهم الكافرين الأشرار في آخر الزَّمان، وتطلق الأدبيات اليهوديَّة والمسيحيَّة عليها اسم معركة هر مجدون، أمَّا الأدبيات الإسلاميَّة فتربطها بنزول المسيح وظهور الأعور الدَّجال والمهدي المنتظر وقتال يجري ما بين المسلمين واليهود! وهي تعتبرها من علامات يوم القيامة، ووفقا لأدبيات الأديان الابراهيميَّة الثَّلاث، ستكون بلاد الشَّام، أي سوريا، المكان المفترض للصّراع تحديدا موقع “تل مجدو” قرب جنين في فلسطين.
لقد انتقلتْ نبوءات نهاية العالم في الغرب من الدّين إلى السّياسة، حيث تتبنّى فرقة المسيحيّة الصَّهيونيَّة عقيدة نهاية العالم، وهي فرقة ذات انتشار عالميّ، تقوم على فهم سلفي للبروتستانتيَّة، حيث نجد تيَّارات سياسيَّة مهمَّة في إسرائيل والولايات المتَّحدة تؤمن بهذه النّبوءات وتستعدّ لها! “فهناك ما يقرب من 40 مليونا من أتباع الصُّهيونيَّة المسيحيَّة داخل الولايات المتَّحدة وحدها.. وامتدَّ نفوذ الحركة إلى ساسة الولايات المتَّحدة بصورة كبيرة وصلت إلى درجة إيمان بعض من شغل البيت الأبيض بمقولات الحركة والاعتراف بهذا علنيًّا. الرَّئيسان السَّابقان جيمي كارتر “ديمقراطي” ورونالد ريغان “جمهوري” كانا من أكثر الرُّؤساء الأميركيين إيمانا والتزاما بمبادئ المسيحيَّة الصُّهيونيَّة [1].
إلى الآن، ما زال الإسلاميون سنّة وشيعة- يستخدمون اسم الشَّام بدلا من سوريا، في كلّ أديباتهم، فهي تحظى بقداسة معيّنة لديهم، قداسة ذات صلة بمرويات منسوبة للنَّبيّ محمَّد وآل البيت، تؤكّد هذه المرويات بمجملها أنّ بلاد الشَّام ستشهد قتالا شرسا ومباركا ما بين المسلمين وأعدائهم في آخر الزَّمان ينتهي بانتصار المسلمين، أو أنّها وفقا للمرويات الشّيعيَّة ستشهد قتالا ما بين المؤمنين الشّيعة وأعدائهم من المسلمين أنفسهم أتباع أبي سفيان وحلفائه من اليهود والرُّوم. كتب ابن شجاع الرّبيعي كتابا في فضائل الشَّام ودمشق، كما كتب ابن تيمية كتاب مناقب الشَّام وأهله، وقام محمد ناصر الدّين الألباني بجمعهما وتخريج أحاديثهما في كتاب واحد [2].
سأعرض لأربع مرويات يستخدمها الجهاديون السُّنَّة لتجنيد المتطوّعين ورفع الرُّوح المعنويَّة للمقاتلين، وإقناعهم بثواب هذا القتال في هذه (الأرض المقدّسة):
– النَّصُّ الأوَّل: عن أبي الدَّرداء رضي اللَّه عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشَّام» أخرجه أحمد رقم 21725، وأبو داود رقم 4298.
– النَّصُّ الثَّاني: عن معاوية رضي الله عنه مرفوعًا ( إذا فسد أهل الشَّام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمَّتي منصورين لا يضرُّهم من خذلهم حتَّى تقوم السَّاعة) سنن الترمذي رقم 2192 – النَّصُّ الثَّالث: عن أوس بن أوس الثّقفي رضي الله عنه أنَّه سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسلم يقول: «ينزل عيسى بن مريم عليهما السَّلام عند المنارةِ البيضاء شرقي دمشق» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير رقم 590.
– النَّصُّ الرَّابع: عن سلمة بن نفيل رضي اللَّه عنه عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلم قال: «لا تزال طائفة من أُمّتي ظاهرين على النَّاس يرفع الله قلوب أقوام يقاتلونهم، ويرزقهم الله منهم حتَّى يأتي أمر الله عزَّ وجلَّ وهم على ذلك، ألا إنَّ عقر دار المؤمنين الشَّام، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» أخرجه أحمد رقم 16965.
أمَّا المرويات الشّيعيَّة فتخبرنا عن زلزلة وخسف في حرستا قرب دمشق، وتخبرنا عن صراع في بلاد الشَّام بين ثلاثة زعماء هم: الأبقع والأصهب والسفياني، ومحورها الأساسيُّ حركة السفياني وهو من نسل أبي سفيان -الملعون وفقا للعقيدة الشّيعيَّة – حيث يسيطر على بلاد الشَّام ويوحّدها، ويكون لجيشه دور واسع تقريب ظهور المهدي عليه السّلام …وأكبر معارك السفياني على الإطلاق معركة فتح فلسطين الَّتي تكون مع المهدي عليه السَّلام، ويكون وراء السفياني فيها اليهود والرُّوم، وتنتهي بهزيمته وقتله، وانتصار المهدي الَّذي يفتح فلسطين ويدخل القدس، وسنعرض لنصّين من هذه المرويات:
– النَّص الأوَّل: عن الإمام الصَّادق عليه السَّلام قال: ” إنَّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله. قلنا صدق الله وقالوا كذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقاتل معاوية بن أبي سفيان عليًّا بن أبي طالب عليه السَّلام، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليه السَّلام، والسفياني يقاتل القائم عليه السَّلام ” البحار : 52/90
– النَّص الثَّاني: سنورد فيه فقرات من مخطوطة ابن حمَّاد، ص 76 عن أبي قبيل قال: “السفياني شرُّ ملك، يقتل العلماء وأهل الفضل ويفنيهم. يستعين بهم، فمن أبى عليه قتله”، وفي ص 80 قال: ” يقتل السفياني من عصاه، وينشرهم بالمناشير، ويطبخهم بالقدور، ستَّة أشهر”، وفي ص 84 عن ابن عباس قال: ” يخرج السفياني فيقاتل، حتَّى يبقر بطون النّساء ويغلي الأطفال في المراجل [3]. إنّ المصالح العقائديَّة المذكورة في المرويات السَّابقة وغيرها لم تبق حبيسة الكتب والمجالس المُغلقة لرجال الدّين، ولكنّها استخدمتْ سياسيًّا وعلى نطاق واسع، والنَّتيجة هي فتح صفحة جديدة من صفحات الصّراع السُّنّي الشّيعيّ، وإعادة إنتاج معارك صفّين مجدَّدا.. ويبدو ذلك واضحا في شخصيّة السفياني سالفة الذّكر على سبيل المثال لا الحصر.
الجهاديون السنّة وجدوا في الثَّورة / الحرب السُّورية ضالّتهم، حيث استغلَّوا حالة الاحتقان والفوضى المرافقة للثَّورة ليرسّخوا نفوذهم ويشكّلوا نواة لمشروعهم في “دولة الخلافة الإسلاميَّة “السُّنيَّة. أمّا الجهاديون الشّيعة فقد كانوا أكثر تنظيما، حيث تمّ توظيفهم من قبل نظام ولاية الفقيه لمنع سقوط السُّلطة السُّوريَّة وتدعيم النُّفوذ الإيراني في المشرق العربيّ و السَّيطرة على المجتمعات السُّنِّيَّة المنتفضة. وبالتَّالي سيكون المشهد المسيطر – باستثناء المراحل الأولى للثَّورة/ الحرب السُّوريَّة – هو صراع بين قوى جوهرانيَّة، تبرّر ازدواجيَّة المعايير بناء على عقيدة المظلوميّة التَّاريخيَّة، قوى تؤمن بالعنصريَّة إستنادا لفهوم ونصوص عقائديَّة خاصّة بها. قد تكون المقاربات والتَّفسيرات الدينيَّة للثَّورة/ الحرب السُّوريَّة هي الأكثر رواجا على المستوى الشَّعبي، والأكثر زخما على المستوى الإعلامي، حيث يُنظر إليها كصراع بين المؤمنين والكافرين، وكلّ فريق ينعتُ الآخر بالكافر، وهو ما يساعد على توظيف حالة القصور العقائديّ لصالح قوى الشَّخصنة السّياسيَّة ذات المصلحة.
إنَّ هرمجدون هي مرويَّة نهاية التَّاريخ، مروية أبطالها مؤمنون زاهدون في التَّاريخ والدُّنيا يستعجلون الخلود ونعيم الآخرة، يتوسّلون ذلك في القتل والاقتتال والحرب، معركة دونما أهداف سياسيَّة أو مغزى اجتماعيّ حضاريّ .. هي معركة لذاتها ..خالصة لوجه الله كما يراها المؤمنون!! إنّ هرمجدون هي كنز من القدريّة و الغباء ..يحاول دهاة السّياسة والطَّامحون إلى السُّلطة استخدامها…لكتابة تاريخ جديد، هم أنفسهم أبطاله وصانعوه، يستعيضون فيه عن خلود آجل مُفترض بخلود عاجل.. ، يتوسّلون ذلك في القتل والاقتتال وجريرة الحرب.. معركة بأهداف سياسيَّة .. خالصة لوجه السُّلطة وصولجان سحرها.
هرمجدون هي الصُّورة النَّموذجيَّة للاستئثار بالكون، و الاستيلاء على العالم ..من قبل جوهر إيمانيّ، يكون فيها إبادة الآخر شرط النَّعيم والفوز …هرمجدون هي صراع بين مؤمنين لا تسعهم أرض واحدة، لم يعد يكفيهم هواء واحد! يا للهول !!
الهوامش:
[1] المفاهيم الأساسيَّة للمسيحيَّة الصُّهيونيَّة، محمَّد المنشاوي، موقع الجزيرة نت، الرَّابط:
http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/ebc26dd5-2b60-4193-b76f-dcef2a1e90ae
[2] تخريج أحاديث فضائل الشَّام ودمشق، محمد ناصر الدّين الألباني، منشورات المكتب الإسلامي، بيروت، 1405 للهجرة. [3] بلاد الشَّام وحركة السفياني، الشَّيخ علي الكوراني، موقع المُؤمل، 1 ديسمبر 2009، الرَّابط http://rafed.net/moamal
[4] أسماء ومسمَّيات للثَّورة السُّوريَّة، حسَّان الحموي، موقع صيد الفوائد، الرَّابط https://saaid.net/Minute/567.htm
(عن موقع “الأوان”)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى