إبراهيم مغراوي من مراكش
بعد فترة كانت فيها جبال الأطلس الكبير بإقليم الحوز ترتدي كسوة صفراء ذهبية، بعد أن لفظت أشجارها أوراق فصل الخريف، تحولت مع التساقطات المطرية والثلجية الأخيرة إلى عروس فاتنة تثير شهية عشاق التزلج على الجليد ومحبي الطبيعة.
خلال هذا الموسم من السنة، تتزين جبال إقليم الحوز، خاصة توبقال وأوكايمدن، ببياض ثلوج لا يتخلف زواره، من داخل المغرب وخارجه، في تلبية دعوة مفتوحة لعشاق تستهويهم معشوقتهم، التي تشكل وجهة مفضلة للحافلات السياحية، ولمن يتغنى بجمالها.
التساقطات الثلجية بإقليم الحوز، تشكل هبة حبا الله بها المنطقة، وفي الآن نفسه محنة للقاطنين بالدواوير المعلقة على سفوح الجبال. فإذا كان عشاقها من الزوار يتمتعون بالتزلج والاستمتاع برويتها، فإنها تعمق جراح سكانها بالمناطق النائية.
الثلوج منحة من الله
عبد السلام أزطاط، فاعل جمعوي بجماعة إمليل التي تشكل مدخلا لجبال توبقال، قال لهسبريس إن “تساقط الثلوج بلغ 10 سنتمترات في السفح، و60 سنتمترا في قمة توبقال”، مضيفا: “تساقط الثلوج جعل من الطبيعة لوحة فنية جميلة”.
وأورد أن “الأطفال سعداء بسقوط الثلوج، يخرجون غير آبهين بقساوة البرد، ليستمتعوا باللعب به”، وهذا ينذر بموسم فلاحي جيد، مشيرا إلى أن “الإقبال على السياحة خلال هذه الفترة يكون ضعيفا”، مبرزا أن “عدد السائحين الأجانب بجبل توبقال لا يتجاوز خمسة بمأوى سياحي”، بحسب تعبير أزطاط.
استغاثة متألمين
تفاؤل وبهجة أزطاط بددتها ملاحظات الفاعل التربوي بالمنطقة محمد الدريوش، الذي أكد أن “دواوير عدة تعاني خلال هذه الفترة من مشكل التنقل من وإلى الحجرات الدراسية، بسبب البعد ووعورة المسالك ومخاطر الفيضانات، والانخفاض الشديد في درجة الحرارة”.
وما يزيد الوضع صعوبة، يضيف الدرويش، هو “عدم ملاءمة الحجرات الدراسية لمناخ المنطقة”، مبرزا أنها تعاني من غياب التدفئة بسبب النقص في الحطب، وعدم صلاحية المدفئات التقليدية، كاشفا أن هذه الأخيرة “تطرح مشكل الاختناق”.
معاناة مشتركة
جماعة ستي فاظمة هي الأخرى تتألم من المشاكل نفسها التي تعاني منها منطقة إمليل، فالطريق تنقطع بفعل التساقطات الثلجية من إمي نتدارت مرورا بتغفرت وأنفكاين إلى تمنكاز، يقول محمد أوسعيد، عن جمعية “أرادين نتفكاين للتنمية”.
صعوبة ظروف العيش خلال فصل الشتاء، تدفع الرجال والشباب إلى الهجرة نحو المدن هروبا من البرودة القاسية، يورد المتحدث، مضيفا أنه “لا يبقى في الدواوير غير النساء والعجزة والأطفال، الذين يعانون من قلة الغذاء والأغطية والألبسة”، بحسب تعبيره.
“خضنا احتجاجات واعتصمنا لأكثر من 20 يوما، ورغم ذلك فالوضع لم يتغير”، يقول أوسعيد، قبل أن يستدرك أن المنطقة “لم تعرف سوى تغييرا طفيفا مس مركز جماعة ستي فاظمة، بالإضافة إلى الالتفاتة الوحيدة التي قام بها عامل الإقليم عمر التويمي الذي زار كلا من تمنطار مرورا بانفكاين ووعده بفك العزلة عن المنطقة، فيما بقيت المناطق الجبلية الوعرة خارج الاهتمام”.
تشجيعا للسياحة
محطة أوكايمدن هي الأخرى ما إن ارتدت حلتها، حتى بدأت تستقبل زوارها من كل حدب وصوب، خاصة خلال فترة العطل البينية ونهاية الأسبوع، لممارسة هوايتهم المفضلة بالتزحلق على الثلوج، التي تثير فضول الأطفال أكثر، لأنها تتيح لهم فضاء للعب والاستمتاع.
هذه المتعة تخدشها سلوكات تزعج محبي التزحلق وهواة تسلق جبال إقليم الحوز؛ أولها ما يعترض السياح المغاربة والأجانب من رسومات غير قانونية تفرض على السيارات بمحطة الوقوف، باعتبارها ضريبة فرضتها المصالح الجماعية بالمنطقة، وكذا غلاء أسعار المأكولات التي تقدمها مطاعم “أوكايمن”.
لكن السلطة الإقليمية تدخلت لتفرض على أصحاب المقاهي الاهتمام بهندامهم، ومنع الأشخاص الذي يقومون باستخلاص مبالغ مالية من المواطنين والزوار القاصدين لهذه المحطة، معتبرة أن ذلك يسيء إلى السياحة وإلى المجهودات التي تقوم بها الدولة في تطوير القطاع السياحي بالمنطقة.