رأيسلايد

في انتظار الزعيم أخنوش

محمد جمال الدين الناصفي/
غريب جدا ما يحدث بالساحة السياسية المغربية من نفاق مرصع بكل الألوان لمن لازالوا يثقون في كل شيء بالنسبة للدمقراطية المغربية على ماهي عليه الآن، وبالتصاريح الصحفية المجانية التي لوكها العديدون صباح مساء.
بالأمس أكد رئيس الحكومة المعين انه قطع الوعد مع أربعة أحزاب، كانت قد أعلنت قرارها في أن تتشكل منها الحكومة المقبلة، وهي العدالة والتنمية، والاستقلال، والتقدم والاشتراكية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، في انتظار عودة عزيز أخنوش من مهمة بالخارج رفقة جلالة الملك.
وكان هذا الأخير قد عبر لابن كيران عن رغبة التحاق حزبه بالأغلبية الحكومية في آخر لقاء جمعهما، ورغم ان رئيس الحكومة يتوفر الآن على أغلبية عددية محددة في 203 مقاعد برلمانية، فإنه قرأ كل الرسائل الواضحة والمرموزة التي جعلته ملزما  بانتظار أخنوش والموافقة الغير المشروطة على كل رغباته وشروطه التي هي شروط واضحة لبعض الجهات لوضع حد للبلوكاج الحكومي.
ومن خلال مجريات الأحداث والإتصالات السابقة  التي اجراها بنكيران مع الأحزاب السياسية قصد تشكيل الحكومة وبعيدا عن كل الجزئيات الأخرى والتصريحات المجانية وماوراءها، إتضح للجميع أن رئيس الجكومة المكلف يجري منذ البداية خلف حزب التجمع الوطني للأحرار وزعيمه الجديد عزيز أخنوش، ليتحصن به في الازمات المتوقعة مستقبلا وإلا لماذا لم يملك بنكيران الجرأة للتحالف مع الأحزاب الأخرى التي كانت مهيئة من قبل وأسرع في تشكيل الحكومة.
وإذا كانت هناك من خلاصة يمكن أن نخرج بها من هذا العبث السياسي الذي يحدث على الساحة هو ان من صوتوا لحزب البيجيدي كانوا ينتظرون من بنكيران تشكيلة حكومته في أقرب وقت ممكن لأن أغلبيةته الآن بين يديه، وان هذه المهاترات باسم السياسة ضيعت على المغرب فرصا عديدة للإرتقاء بالدمقراطية إلى مستوى تطلعات الشعب وآماله العريضة وانتظاراته المتعددة.
 ولعله من الكذب على التاريخ أن يحاول بعضهم اليوم تقديم هذا الصراع المفتعل على هيئة صراع من أجل تمكين المجتمع المغربي من حياة الرفاهية، فقد أظهرت التجربة أن أغلب هؤلاء السياسيين يتنابزون فقط  طمعا في مقاعد السلطة ورآسة مجلس النواب ورآسة اللجان والبحث عن المناصب الأخرى بأي ثمن.
فهؤلاء القادة الحزبيون يعرفون أكثر من غيرهم أن الطريقة الوحيدة لتذوق حلاوة السلطة هو التخلي عن المبادئ وضرب القواعد وطرد المناضلين الشرفاء والكذب على الشعب، يتعاركون في الصباح ويتعانقون في المساء على كؤوس الشاي والحلويات.
فسبحان الله كيف أصبح حزب الإستقلال أخا من الرضاعة للبيجيدي وكيف أصبح الأحرار أبناء العمومة فكلهم ضربوا وطعنوا البيجيدي من الخلف ثم  جلسوا جميعا إلى طاولة المفاوضات ليقتسموا الكعكعة بالتوافق وليتسلموا الحقائب والكراسي التي كانوا لا يحلمون حتى في المنام بوضع مؤخراتهم فوقها، واستطاعوا أن يمارسوا سلطة «الحكم» داخل نطاق المؤسسات الرسمية التي أسندت إليهم مسؤولية تسييرها.
ولذلك يمكن أن نستوعب جيدا ان الصراعات و الضوضاء و الضجيج المفتعل الذي يقوم به البعض في هذه الأيام هو فقط من اجل إلهاء الشعب و من أجل  ان يتسلموا  نصيبهم من المقاعد الوزارية ومناصب السلطة بعيدا كل البعد عن هموم المواطنين التي يتخبط فيها لوحده.
لو كان هؤلاء بما فيهم رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بن كيران قريبون من هموم المستضعفين والفقراء والطبقات المسحوقة  لتنازلوا منذ مدة عن جزء من رواتبهم الضخمة وتقاعدهم ، وامتيازاتهم المعلنة والخفية، وسياراتهم الفخمة المتعددة، وجلساتهم الراقية وسيجاراتهم الأمريكية ولسجلوا ابنائهم المدلعين في مدارس الشعب ، وعالجوهم في مستشفيات المزلوطين بعيدا عن هذه المزايدات المبتذلة واللعب بالمشاعر، مشاعر المواطنين الذين يشرئبون لدولة الدمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة في كل شيء .
 إن الذين لايريدون أن يستوعبوا جيدا مايجري ويدور ويتنطحون باسم الإرادة الشعبية، هم واهمون او يتجاهلون المعادلة الثابتة التي بنت عليها الدولة المغربية أسسها المستمدة من الثقة الكبيرة للشعب في المؤسسة الملكية فهي الضامن الوحيد لرقي وازدهار هذا الشعب وأمنه وسلامته وتنمية اقتصاده ورفعته أمام الامم والشعوب، اما الدكاكين السياسية الموجودة حاليا في الساحة فعليها ان تقبل بهذه المعادلة الراسخة والمتينة بين العرش والشعب، وان حكاية الاحزاب السياسية على ماهي عليه الآن عليها ان تقبل بالواقع الثابت كماهو أو تنسحب إلى الخلف.
 اما هذه المعارك المفتعلة التي نتابع فصولها كل يوم لنيل المقاعد الوزارية في الحكومة المقبلة هي التي ضيعت على الشعب المغربي منذ الإستقلال وإلى الآن العديد من فرص التنمية والرخاء.
والواقع الحالي الذي يجب ان يستوعبه بنكيران شاء أم أبى ، هو عليه ان ينتظر عودة رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش إلى أرض الوطن وبشروطه الكاملة وبعدد وافر من الوزارات المهمة ليستكمل مهمته، بنكيران الذي حصد ازيد من 125 مقعد بالبرلمان عليه الآن ان يجلس في قاعة الإنتظار ليحضر الزعيم أخنوش الذي حصل على 37 مقعد ويمنحه كل الوزارات المالية والإقتصادية والحقائب الحساسة ليصبح هو بالتالي رئيسا للحكومة غير معلن شاء من شاء وأبى من أبى,
راه المغرب هذا أسي بنكيران، غير جبتي 125 مقعد صافي إسحابك أنتا هو كلشي، برد نعام آس، وعليك ان تصارح الجماهير بهذه المعادلة التي تعرفها أكثر من غيرك.
المغاربة أسي بنكيران عارفين وفاهمين وقابلين على “كلشي”، وانت جزء من هاد “الكلشي” ومانطلبه منك مستقبلا هو مصارحة الجماهير الشعبية بهذا في تصريحاتك وتجمعاتك الخطابية لا ان تغلطها ولاتعتقد ان الشعب من المغفلين.

,

%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%ac%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%b5%d9%81%d9%8a

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى